١٢ـ أن بعض المخطوطات العربية نسبت لغير مؤلفيها, وبعضها طمس أسماء مؤلفيها أو مالكيها، أو تاريخ نسخها، أو أسماء واقفيها، ومكان الوقف حتى لا يمكن التعرف عليه. وربما كان الحسد والحقد والضغينة والتعصب أو حب الشهرة والظهور أحياناً أو الدافع التجاري وراء اختلال التوثيق في المخطوط العربي.
وقد يحدث الاختلال نتيجة السهو أو الخطأ أو جهل بعض النساخ والوراقين.
وإلى جانب هذه العوامل البشرية كانت هناك عوامل طبيعية أسهمت في إتلاف المخطوطات كالرطوبة والأرضة والحرارة والغبار، وكلها تؤدي إلى تقصف أوراق المخطوطات، وتحجرها وضياع أجزاء كبيرة من نصوصها، وبالتالي تقل الإفادة منها.
من أجل ذلك ينبغي على المحققين والمفهرسين وغيرهم ممن لهم اهتمام بالمخطوطات العربية أن يستوثقوا من صحة نسبة المخطوطات إلى مؤلفيها ومن سلامة نصوصها.
ثانياً – التوصيات:
بناءً على النتائج التي أسفرت عنها الدراسةُ يقترح المؤلف ما يلي:
١ـ العناية ببيانات التوثيق كالسماعات والقراءات والإجازات وجمعها ودراستها للإفادة منها.
٢ـ حفظ وصيانة وترميم المخطوطات العربية لتلافي النتائج السلبية التي تؤدي إلى الإخلال بالتوثيق مثل: الرطوبة والحرارة وغيرها من العوامل الطبيعية والبشرية التي تؤدي إلى إتلاف المخطوطات.
٣ـ العناية بفهرسة المخطوطات العربية فهرسةً علميةً دقيقةً ومفصلةً حتى لا تنسب الكتب إلى غير مؤلفيها وحتى لا تختلط بعض أوراق أو كراسات الكتب ببعضها البعض. وألا تقف عملية الفهرسة عند تلك الحدود الضيقة مثل: عنوان المخطوط واسم مؤلفة وعدد الأوراق والأسطر وتاريخ النسخ، بل يجب ذكر أنماط التوثيق التي ترد في المخطوط وإبرازها في حقول مستقلة.
٤ـ توجيه القائمين على الفهرسة بأن يفحصوا أوراق المخطوط ورقةً ورقة، فقد لوحظ أن بعض المجلدين قديماً وحديثاً يجمعون أوراق المخطوط للتجليد دون أن يهتموا بتتابع الأوراق وتوالي نسق الكلام.
٥ـ الحرص على استخراج نسخ بديلة للتعامل العادي كالمصورات بأنواعها حتى لا يتعرض المخطوط الأصلي أو علامات توثيقه للتلف، وألا يسمح باستعمال الأصل إلا في حدود معينة ولاستخدام بعض الباحثين ممن تقتضي أبحاثهم استعمال الأصل.
٦ـ دراسة أنماط التوثيق في القرون الثمانية الأولى للهجرة لإظهار الروابط بينها واستخلاص نتائج شاملة.
٧ـ توجيه معهد المخطوطات بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إلى عقد دورات خاصة لدراسة أنماط التوثيق في المخطوط العربي.
٨ـ الاهتمام بتدريس مادة المخطوط العربي في المرحلة الجامعية والتركيز على منهج العلماء المسلمين في توثيق المخطوطات.
وبعد: فقد بذلتُ في هذا الكتاب من الجهد ما وسعني وأنفقتُ فيه من الوقت ما وصلتُ فيه الليل بالنهار بحثاً وتنقيباً، ووصفاً وتحليلاً، ونظراً واستدلالاً، حتى استوى على ساقه، وأحسبُ أنه قد أثمر، فما كان فيه من ثمر يانع حلو مفيد فإنه عطاءٌ من الله وتوفيق منه سبحانه، وما كان فيه من ثمر فج مرّ لا فائدة فيه فمن نفسي، وحسبي أني اجتهدتُ ونويتُ الخير، ولعلَّ هذه الدراسة تكون فاتحة باب لأبحاث أخرى تكمل المسير في هذا الطريق، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والحمد والشكر لله رب العالمين