للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيحمل الدكتور وزر من يأخذ بقوله مع وزر نفسه فقط، ويعفي الأخر أيطمئن القلب إلى موافقة هذا الزيغ ومخالفة كل هذه المؤتمرات؟ أيكون لمن أخذ بقوله حجة يوم القيامة؟!

بعد هذا أوجه حديثي لأخي المسلم أيضاً:

إن هذه الفتاوى جميعها تبين أن ودائع البنوك عقد قرض، وهو ما أثبته بالتفصيل، وفوائد القرض التي يعترف بها القانون الوضعي هي من ربا الديون الذي حرم بالكتاب والسنة، وبينت أن هذه الفوائد أسوأ من ربا القرض الإنتاجي الربوي في الجاهلية، وإلى جانب الصورة المألوفة للودائع والفوائد، ابتكرت البنوك صوراً أخرى للإغراء والجذب، من هذه الصور ما أعلنه البنك الأهلي المصري، حيث قال: إن لديه ستة عشر وعاء ادخار بالعملات المحلية والأجنبية، وعندما يعلن البنك عن هذه الأوعية يذكر ضمنها شهادات الاستثمار بمجموعاتها الثلاث.

وصور الودائع – أي القروض – التي أعلن عنها البنك تنوعت من حيث العملة، ومدة القرض، والفائدة الربوية، وطريقة صرفها.

والبنوك الربوية الأخرى في طلبها للقروض تحاول الإغراء بمثل هذا التنوع.

فمن أحل البنوك وقع في الحرام البين، ومن حرم فوائد بعض هذه الأوعية الادخارية، وأحل بعضها الآخر، وقع في تناقض واضح؛ فكلها صور مختلفة لعقد واحد! فما الفرق بين شهادات إيداع البنك الأهلي المصري الثلاثية، أو الخماسية، وشهادات استثمار البنك الأهلي المصري المجموعة ألف أو باء؟!

وما الفرق بين ودائعه ذات الجوائز وشهادات استثماره ذات الجوائز؟!

وما الفرق بين شهادات الاستثمار والسندات الحكومية التي يكاد ينعقد الإجماع على تحريمها؟! فقد أفتى بالتحريم مجمع الرابطة، ومجمع المنظمة وكل المؤتمرات التي تعرضت لحكم السندات.

فالقروض الربوية بجميع صورها المختلفة، وأسمائها المتعددة، حكمها واحد. وطرق الاستثمار في الإسلام متنوعة تصلح لكل زمان ومكان، لأن خاتم الأديان الذي أباحها وحرم القرض الربوي جاء ليطبق في كل زمان ومكان، واقرأ الباب الأخير، وتأمل العقود البديلة للقروض الربوية في التطبيق المعاصر.

ظهور البديل الإسلامي:

ومن فضل الله – عز وجل – ظهور البديل الإسلامي في التطبيق: فنشأت المصارف الإسلامية، وأثبتت بطريقة عملية إمكان قيام مصارف بلا فوائد ربوية، كما ظهرت شركات إسلامية كثيرة في بلاد الإسلام، أنشأها المسلمون هناك، ونجحت في التطبيق. وقامت باكستان بخطوة رائدة، حيث أعلنت إسلام مصارفها، وحققت هذه المصارف نتائج أفضل من عهدها الربوي. ونرى تحولاً إسلامياً! فأعلنت إسلام بعض فروعها فقط، ونقرأ في إعلاناتها: الرزق الحلال! وتجنب الربا! والخضوع للرقابة الشرعية!!!! وهذا اعتراف منها بأن هذه الفروع الإسلامية تأكل الربا، ولا تخضع لشريعة الله عز وجل، وكسبها ليس حلالاً طيباً.

ظهر البديل الإسلامي للسندات الربوية، وشهادات الاستثمار كما ذكرت من قبل عند الحديث عن صكوك المقارضة بالتفصيل.

وبدأت هيئة البريد في الاتجاه إلى مثل هذا التحول الإسلامي، فأعلنت أنها قررت تطبيق نظام مصرفي جديد يطبق لأول مرة في التوفير البريدي، وهو نظام التوفير الإسلامي الذي يعتمد على المضاربة الإسلامية، حيث تجرى دراسة عن كيفية تطبيق هذا النظام لاستثمار أموال المودعين الذين يصرون على عدم تقاضي الفوائد، وإدخالها في مشروعات إنتاجية بنظام المشاركة الإسلامية على غرار البنوك الإسلامية.

وتعتمد الدراسة على اختيار أحد الاقتراحين التاليين لتطبيق هذا النظام، وهما: تخصيص مكاتب توفير للمعاملات الإسلامية فقط، أو تخصيص شباك في كل مكتب توفير لهذا النظام.

أفنقول لهيئة البريد: لا حاجة إلى المشروعات الإنتاجية، واتباع نظام المشاركة الإسلامية، ففوائدها حلال، ونظامك الحالي إسلامي! أو ندعوها، كما ندعو غيرها إلى تعميم النظام الإسلامي؟

فلنتعاون جميعاً في الدعوة إلى تطبيق الإسلام في جميع معاملاتنا المعاصرة وفي تذليل الصعاب وتخطي العقبات التي تعترض هذا التطبيق، والوقوف أمام أولئك الذين يثيرون من الشبهات ما يقوي المؤسسات الربوية، ويخدم مصالحها، ويؤثر في الصحوة الإسلامية منهجاً وتطبيقاً، والله – جلت قدرته – من وراء القصد، والهادي إلى سواء السبيل، وهو نعم المولى ونعم النصير، وله الحمد في الأولى والآخرة.

{لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>