للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاء الأمير الصنعاني محمد بن إسماعيل الكحلاني المتوفي سنة ١١٨٢هـ الذي اطلع كما يبدو على ما وقع لابن تيمية وابن القيم فاستدل بإقرار الله سبحانه وتعالى على إمامة الصبي المميز بحديث عمرو بن سلمة على أنه من إقرار الله سبحانه وتعالى مخالفاً بذلك جمهور شراح الحديث الذين احتجوا به على أنه سنة إقرارية لاستبعاد عدم اطلاع الرسول صلى الله عليه وسلم ولاتفاق كل من صنف في علوم الحديث على أن فعل الصحابة المرفوع لزمن الوحي أنه حديث موقوف لفظاً مرفوع حكماً عدا ما نقل عن الاسماعيلي رحمه الله.

ولكن الأمير الصنعاني لما وصل لحديث العزل تغيَّر حاله واختلف اختياره وأُعجب بما فعل ابن حجر رحمه الله ولكنه أشار بإشارة لطيفةٍ خفية بدون جزم إلى احتمال إفادة بعض الأدلة حجية إقرار الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكلامه هذا حق. ولذا حققت الكلام فيه وهو أن إقرار الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالتشريع حجة لا مرية فيها عند كل من جَّوز الاجتهاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ.

ولذا فإن الذي توصلتُ إليه أنَّ إقرار الله سبحانه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بأمور التشريع دون أمور الدنيا أنه حجة. كما أنه يمكن أن يستفاد حكم الإباحة مما سكتَ عنه الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للأعيان. وأما بالنسبة للأفعال فلا يمكن حملها على إطلاقها بل لابدَّ من تقييدها حيث أن ما يفعل على سبيل القربى والعبادة ليس الأصل فيه الإباحة بل الأصل فيه موافقة التشريع.

هذا ما تيسر جمعه وتقييده وكان الفراغ منه ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقين من شعبان سنة تسع وأربعمائة وألف. وصلى الله وسلم على خليله المصطفي ونبيه المجتبى وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً. وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِ العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>