وعدم تعرضهم لنقد الحديث ناشئ عن عدم تضلعهم في علوم الحديث. ولهذا نجد الذين جمعوا بين الأصول والحديث كابن حزم وابن مفلح ينقدون الحديث، ويذكرون من خرجه من الأئمة وما قالوه فيه.
١٢ – يؤخذ على الأصوليين أنهم ربما غيروا لفظ الحديث المستدل به، ولم يذكروه بلفظه المشهور في كتب السنة. ويبدو أن ذلك ناشئ عن تجويزهم رواية الحديث بالمعنى، وعدم تمكنهم في علم الحديث.
١٣ – الكتب المصنفة على طريقة الشافعية أكثر اعتمادا على الاستدلال بالكتاب والسنة من الكتب المصنفة على طريقة الحنفية.
وذلك ناتج عن أمرين:
أ – أن طريقتهم في التأليف تحتم عليهم الاستدلال على كل قاعدة بما يدل على ثبوتها من الأدلة النقلية والعقلية.
ب – أن القواعد التي ذكروها في كتبهم أكثر من القواعد التي ذكرها الحنفية. فقد أهملت كتب الحنفية الكلام عن قواعد كثيرة رأوا أنها ليس لها علاقة مباشرة بالفقه.
١٤ – بلغ عدد القواعد المستدل عليها بالقرآن في عينة البحث ١٩٩ قاعدة بعد حذف المكرر منها. وبلغ عدد القواعد المستدل عليها بالسنة ١٥٦ قاعدة بعد حذف المتكرر.
وهذا يدل على كثرة القواعد المستدل عليها بالكتاب والسنة. كما يدل على أن القواعد المستدل عليها بالكتاب أكثر لأسباب أشرت إليها في ثنايا البحث.
١٥ – عدد الأدلة التي يذكرونها على القاعدة الواحدة يختلف اختلافا كبيرا. فقد يسوقون على القاعدة الواحدة عشرة أدلة من القرآن والسنة أو أكثر من ذلك. وقد يكتفون بدليل واحد. ولكن الغالب تعدد الأدلة.
كما أن الأقوال المختلفة في القاعدة الواحدة قد يستدل عليها كل منهم بالنصوص من القرآن أو السنة، وقد يستدل عليها بعضهم بالنصوص ويستدل غيره بالإجماع، أو أقوال الصحابة، أو الأدلة العقلية.
أما التوصيات التي يدعوا الباحث للأخذ بها فأهمها:
١ – أن يتوجه الباحثون لدراسة استدلال الأصوليين بالإجماع وأقوال الصحابة على القواعد الأصولية.
٢ – أن يبرز الباحثون في أصول الفقه الأدلة النقلية التي يستدل بها على القاعدة الأصولية، ويعيدوا صياغة الاستدلالات الموجودة في كتب أصول الفقه، ليعيدوها إلى أصولها من الكتاب والسنة لتظهر للقراء على حقيقتها فلا تبدوا في صورة أدلة عقلية محضة لا اعتماد لها على النص. بل يكون النص هو أساسها الذي تبنى عليه.
٣ – في الكتب المختصرة والميسرة التي تؤلف لعامة الناس ينبغي الاقتصار على الأدلة النقلية الظاهرة فتذكر الآية أو الحديث ثم يبين وجه الاستدلال منهما.
وفي ختام هذا البحث أشكر الله جل وعلا الذي يسره لي واشكر كل من له يد في إخراجه وأرجو الله جل وعلا أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به ويغفر لي تقصيري إنه عفو كريم. والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد.