وبعد ذلك أنهيت هذا الباب بذكر فضل الهجرة والمهاجرين وما أعد الله لهم من الثواب العظيم. وألحقت بالرسالة ملحقا يضم أسماء المهاجرين إلى الحبشة، وأصحاب البيعة من الأنصار، وبهذا أكون قد أنهيت هذا البحث راجيا من الله أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، والله من وراء القصد، وكان من نتائج البحث الأمور الآتية: أولا: بالنسبة للبحث ذاته، فهو جمع الأحاديث المتعلقة بالهجرة الحسية والمعنوية في كتاب مستقل ودراسة تلك الأحاديث، من نظر في أسانيدها وشرح غريبها واستنباط لبعض الدروس منها مما يسهل للمطلع الوصول إلى هذا الموضوع.
ثانيا: بالنسبة لما استنتجته من خلال معاشرتي له فهي الأمور الآتية:
١ - عظمة الجهود التي بذلها سلفنا الصالح رضوان الله عليهم في شتى ميادين العلم، وأن الدافع لهم لبذل تلك الجهود هو صدق العزيمة وإخلاص العمل لوجه الله، فأينعت ثمار جهودهم وأبقوا ذخرا يثني عليهم ويدعي لهم به إلى يوم القيامة فجزاهم الله خير الجزاء.
٢ - اهتمام هذه الأمة المحمدية بالسند وعنايتها بنقل الأخبار وعرض قواعد النقد على أي خبر يرد إليهم، فما صح سنده قبلوه وما لم يصح سنده ردوه ولو كان الخبر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أو في ذكر صفاته، فعمدتهم ما صح من الأخبار. وهذا الصنيع يدل على الفرق بين هذه الأمة التي تستمد تشريعها من مصادر صحيحة ثابتة، وبين الأمم الأخرى التي تبني نفسها على جرف هار من مصادر مزعزعة وأفكار منحرفة.
٣ - كما أنه لا بد من العناية بتراث سلفنا من جانب الطباعة والإخراج فكم كتاب استولت عليه أيد لا يهمها إلا جمع المادة وإخراج الكتاب على أي حال كان، فوقع الخلط والغلط وسوء الطباعة مما يجعل القارئ يضيق ذرعا بتلك الطبعات السيئة فلو تضافرت جهود مخلصة للعناية بهذا الجانب والاهتمام به لحققت خيرا كثيرا لأمتنا الإسلامية وتراثنا الإسلامي.
هذا أهم ما ظهر لي من نتائج خلال البحث كما أنه بمجموعة جهد مقل قليل البضاعة في هذا الشأن راجيا من ربه التوفيق والسداد والغفران، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين.