- فمنهج الشيخ الألباني في تضعيف علة الحديث لعلة السند موافق للجمهور إلى حد كبير من الجهة النظرية، وأما من الجهة التطبيقية العلمية لقواعد المصطلح على تضعيف الحديث لعلة السند، فقد خالف المحدثين في بعض الأحكام على بعض الأحاديث، ويرجع هذا الاختلاف إلى أمور اجتهادية منها:
- الاختلاف في توثيق الراوي وتضعيفه.
- الاطلاع على طرق للحديث، أو شواهد أخرى لم يطلع عليها الآخر.
- الأخذ ببعض القواعد في تصحيح الأحاديث، أو في تضعيفها بين التساهل، والتشديد.
وأما منهج الشيخ الألباني في تضعيف الحديث لعلة المتن فتتمثل في الآتي:
- وافق جمهور المحدثين في اعتبار النظر إلى ضعف الحديث لنكارة متنه دون الاكتفاء بظاهر صحة السند فقط.
وأما في الجمل الكلية لهذه القاعدة، فقد وافق الشيخ الألباني المحدثين في معظمها، وتفرد بأخذه بقاعدة تضعيف متن الحديث لعلة عدم عمل السلف به، وله مبررات في الأخذ بها إلا أن الصواب أنها غير معتبرة في ذلك.
٤ - جهود الشيخ الألباني في الجرح والتعديل، وقواعد المصطلح فهي كالآتي:
- أن الشيخ الألباني يعتبر من المتوسطين في باب الجرح والتعديل، فلم يجنح لمذهب المتشددين، أو المتساهلين، وهو كذلك لم يسلم للمتأخرين – كابن حجر والذهبي – في أحكامهما في الجرح والتعديل بل خالفهما في أشياء ووافقهما في أخر.
- وأما في قواعد المصطلح فله اجتهادات في بعض القواعد منها:
- قول الصحابي: من السنة كذا. أو أمرنا بكذا فله حكم الرفع.
- أن حديث المختلط يرد بعد الاختلاط، ويقبل قبله، ويتوقف في ما لم يعلم.
- قبول زيادة الثقة إذا لم تكن مخالفة لمن هو أوثق.
- الحديث المعلق بصيغة الجزم يكون صحيحا إلى من علقه، ثم ينظر في السند ويحكم عليه بما يستحق.
٧ - جهود الشيخ الألباني في الحديث رواية، واستنباطا، فتتمثل في الآتي:
- بيان اهتمام الشيخ الألباني بالدليل الشرعي – مفهوما، واعتناء، وحجية.
- موافقة الشيخ الألباني لجمهور الفقهاء في اعتبار الأدلة الشرعية الأربعة "الكتاب والسنة والإجماع والقياس" مع ضم فهم السلف الصالح لمعاني الكتاب والسنة، وأن القياس المخالف للنص لا يعتد به.
- لا يقدم العقل على النقل، إذا عارضه العقل.
- دعوة الشيخ الألباني إلى الاجتهاد، ونبذ التقليد، ومناشدة الدليل، مع احترام العلماء في ذلك، ونبذ التعصب لهم.
- اتضح موقف الشيخ الألباني من الاحتجاج بحديث الآحاد في العقائد والأحكام، وأنه يرى حجية الآحاد في العقائد والأحكام والرد على من خالف ذلك.
- الشيخ الألباني لا يرى العمل بالحديث الضعيف مطلقا، سواء في فضائل الأعمال أو في غيرها.
- وتبين مدى اهتمام الشيخ الألباني بالدليل الشرعي ثبوتا، واستدلالا، وأنه وإن كان يميل كثيرا إلى مذهب أهل الحديث، والأخذ بظاهر النص، لكنه لا يهمل الأخذ بتفسير النصوص، على مذهب أصل الأصول والفقهاء.
- تبين موقف الشيخ الألباني من تعارض النصوص، وأنه يذهب إلى مذهب العلماء في البدء بالجمع بين النصوص مهما أمكن، وإلا فالترجيح.
- ذكرت قرابة مائة مسألة فقهية، في باب العبادات والمعاملات – رجح فيها الشيخ الألباني ما رآه راجحا.
- ذكرت أربع مسائل من أهم المسائل التي أثيرت حول الشيخ الألباني وبينت أدلته في ذلك، ومناقشته فيها، وترجيح الراجح فيها، وسواء كان الصواب حليفه أم لا، فالمهم أنه تبين انطلاقه من منطلق علمي، وأنه مجتهد في تحرير تلك المسائل، وسائر على القواعد الصحيحة.
وتوصية الباحث الاهتمام بتحريرات الشيخ الألباني الحديثية، وكذا الفقهية، ولا يحمل البعض حجاب المعاصرة عن أن يستفيد من علمه، واجتهاداته، وأيضا لا يأخذ البعض الإفراط في محبته الشيخ الألباني بأن يتعصب له في كل قول، وفي كل تصحيح، وتضعيف للأحاديث، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد حاولت أن أتجرد في ما كتبته حول الشيخ الألباني – رحمه الله تعالى – مع حبنا له الكبير – لكن الحق أحق أن يتبع.
تلك خلاصة موجزة عن جهود الشيخ الألباني في الحديث – رواية ودراية – وهذه النتائج أقدمها في تواضع، وشعور بالتقصير، وآمل أن أكون قد أتممت الرسالة على الوجه المطلوب، والله أسأل أن يغفر لي زلاتي، ويكفر عني سيئاتي إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.