للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الباب الثاني: فقد تركز الحديث فيه عن دور المنافقين في بدء الدعوة الإسلامية بوجه عام وعن دورهم في هذا الغزوة بصفة خاصة. وقد حاولت أن أضع صورة وافية للدسائس الخبيثة والمكايد المتنوعة التي كان يقوم بها حزب النفاق من أجل عرقلة انتشار الدعوة الإسلامية، مبينا ظهور نشأة النفاق وأسبابه ومواقف المنافقين في الغزوات التي سبقت هذه الغزوة مع الإشارة إلى خطورة النفاق وأضراره الجسيمة على الإسلام والمسلمين. وقد حظي موقفهم في غزوة المريسيع بحديث واسع بينت فيه كل ما قاموا به من أعمال عدوانية وتخذيل في صفوف المسلمين، واستغلالهم الفرص التي يبثون فيها شبههم وأفكارهم السيئة ومن ذلك إثارتهم للعصبية الجاهلية في هذه الغزوة ورفعهم للشعارات القبلية وما صاحب ذلك من فتن كادت تعصف ريحها بكثير من المسلمين وأشرت إلى حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم في معالجة هذه السموم التي ينفثها المنافقون مع حلمه في عدم مؤاخذة القائمين بذلك وأسوأ عمل قام به المنافقون على الإطلاق في هذه الغزوة هو اختلاقهم لحادثة الإفك التي كان لها أثرها السيئ في نفوس المسلمين ووقعها الأليم في ساحة النبوة الطاهرة وقد استغرق الحديث عن هذه الحادثة وقتا طويلا لتشعب رواياتها وكثيرة أحداثها وقد تكلمت على جميع الجوانب المتصلة بها من تخريج الروايات وتحقيقها مع الكلام على الأحكام الفقهية المستنبطة منها، وهو أمر لم أر أحدا من المؤرخين قام به في مكان واحد بهذه الصورة التي انتهيت إليها.

أما الباب الثالث: فقد كان بحثي فيه عن تخريج حديث الإفك، وعن الانتقاد والرد على الزهري في تلفيقه الحديث عن مشايخه الأربعة دون أن يفرد حديث كل واحد منهم على حدة، وبينت أن هذا جائز لا مانع منه لأن الكل ثقات وقد بينت أن بعض الحديث عن بعضهم وبعضه عن بعضهم الآخر ثم حققت القول في الذي تولى كبر الإفك وأنه عبدالله بن أبي بن سلول، كما بينت ما حصل للصحابة من مواقف متباينة في هذه الحادثة. فكان منهم من نفاها من أصلها وصرح بأن هذا بهتان وكذب، وذلك مثل أسامة بن زيد وبريرة وأبي أيوب الأنصاري وزوجه ومنهم من نفاها كذلك ولكنه أشار تلويحا على رسول صلى الله عليه وسلم بأمر مشكوك فيه فأراد راحة رسول صلى الله عليه وسلم مما لحقه من هم وغم وذلك هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يردد قول أهل النفاق دون وعي وإدراك لما يقصده المنافقون وذلك مثل حسان بن ثابت وحمنة بنت جحش ومسطح بن أثاثة رضي الله عنهم، وقد بينت ذلك في محله بيانا شافيا، كما بينت في هذا الباب النزاع الحاصل بين الأوس والخزرج، في شأن عبدالله بن أبي بن سلول، الذي هو أساس هذه الفتنة ورأسها، وبينت أيضا الانتقاد الوارد على البخاري في سماع مسروق من أم رومان ورجحت القول بسماعه منها مع ذكر وجهة المخالفين والرد عليها بأدلة مبسوطة في محلها.

وآخر أبواب الرسالة هو الباب الرابع. وقد أفردته للحديث عن الأحكام الفقهية الواردة في هذه الغزوة. وهذا هو الفصل الأول منه، وعن العبر والحكم المستنبطة من هذه الغزوة وهذا هو الفصل الثاني من هذا الباب فأما الأحكام الفقهية فقد بلغت عشر أحكام تحدثت عن كل حكم منها بإيجاز واختصار غير مخل ومشيرا إلى الخلاف مستدلا للأقوال مرجحا الراجح بالدليل. ولم أطل في ذلك لأن البحث ليس فقهيا بالمعنى الدقيق، وإنما عرضت لذلك حسب ما اقتضته نصوص الروايات الدالة على بعض الأحكام الفقهية. وأما العبر فإنها كثيرة وقد تكلمت على خمس عبر منها مأخوذة من هذه الغزوة.

وأما الجديد في هذا الموضوع فيمكن إيجازه فيما يلي:

<<  <  ج: ص:  >  >>