للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاث وعشرون: أن الدين ـ كما يرى السلف ـ هو النظام العام والقانون الشامل لأمور الحياة كلها ومناهج السلوك للإنسان التي أوحى بها الله عز وجل إلى نبيه محمد ? وأمره بتبليغها إلى الناس كافة، مع ما يترتب على التقيد بها أو عدمه من ثواب وعقاب. وأن الدين مرتبط بالدولة في الإسلام ارتباط القاعدة بالبناء، فالدين أساس الدولة وموجهها، فلا يمكن تصور دوله إسلامية بلا دين، كما لا يمكن تصور الدين الإسلامي فارغاً من توجيه المجتمع وسياسة الدولة، لأنه حينئذ لا يكون إسلاماً.

أربع وعشرون: أن الحكومة الدينية بصورتها الكهنوتية الكنسية لا وجود لها في الإسلام على الإطلاق، لأن الله عز وجل سَوَّى بين الناس جميعاً من ناحية الحقوق والواجبات، ولم يجعل للتفاضل ميزاناً إلا تقواه سبحانه.

خمس وعشرون: أن "السلفية" نفي للمحاذير التي ارتبطت بوصف الماضوية، نتيجة ما حدث لحركة الارتداد الفكري نحو اليونان في أوائل عصر النهضة، وهي في حقيقتها دعوة إلى الماضي وتَطلّع إلى المستقبل في آن واحد، وعلماء السلف وإن كانوا يصرحون بتشددهم في التمسك بثوابت الإسلام، فهم في الوقت نفسه يحملون راية الانفتاح الحضاري، ويشجعون على الانتفاع بالعلوم الطبيعية والرياضية، بغض النظر عن عقائد أصحابها أو توجهاتهم الفكرية.

ست وعشرون: أن التقدم في الإسلام إنما هو تقدم أخلاقي، ومضيٌ في تحقيق الرسالة التي أناطها الله بهذه الأمة، مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها.

سبع وعشرون: أن المنهج السلفي يقف في تعامله مع الواقع موقفاً إيجابياً، ليس في مجالات العقيدة والعبادة فحسب، بل وفي المجال الاجتماعي سياسياً واقتصادياً ونحوه. وأن هناك فارقاً أساسياً كبيراً بين صلة المنهج الإسلامي بالواقع، ونظرة الاتجاهات المادية له، فنظرة هذه الاتجاهات تجعل الواقع هو الأساس الذي تتشكل منه الثقافة بتصوراتها وقيمها وأحكامها، وأما في الإسلام فإن الواقع مجالُ تَنزّل أحكام التشريع الإسلامي، لتبقى تغيراته محققة لمصلحة الإنسان والمجتمع.

ثمان وعشرون: أن الموقف الحقيقي للسلف من التراث يتمثل في العناصر التالية ذات الصبغة المنهجية:

١ـ الانفتاح المنضبط على التراث.

٢ـ السلفية بوصفها مرجعية معيارية.

٣ـ الشمولية.

٤ـ التاريخية.

٥ـ الانتقاء الموضوعي.

تسع وعشرون: أن تشريعات الإسلام الاقتصادية تسعى إلى القضاء على التمايز الطبقي بين الناس، وإلى تحقيق العدالة بينهم، ومعالجة مشكلة الفقر والفاقة بصورة فريدة تعجز عن مضاهاتها فيها جميع الأنظمة والنظريات الاقتصادية الوضعية، رأسمالية كانت أم اشتراكية شيوعية.

ثانياً: التوصيات والمقترحات:

١ـ أوصي نفسي وإخواني المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، والإخلاص له في القول والعمل، واتباع منهج السلف رحمهم الله والالتزام به في مختلف المجالات، وفي شتى دروب الحياة، فإنه بقدر اتباع هذا المنهج والالتزام به يكون الابتعاد عن الانحراف والضلال.

٢ـ الحذر من خطر الدعاوى والشبهات الكثيرة المثارة حول المنهج السلفي وأهله، ولا سيما أنها تصدر من شخصيات وفئات لها ثقلها وعظيم أثرها في البلاد الإسلامية.

٣ـ الحذر من الانسياق خلف المفتونين بالغرب وحضارته المادية من أبناء المسلمين، والعمل على انتقاء النافع من مكتشفات الحضارة الغربية ومخترعاتها، مما نحن بحاجة ماسة إليه ويتفق مع عقيدتنا ومبادئنا وأحكام ديننا، ونبذ كل ما سوى ذلك.

٤ـ أقترح على المؤسسات التعليمية ومراكز البحوث العلمية والعلماء والباحثين أمرين.

أحدهما: العمل على جمع تراث السلف وآثارهم العلمية في مختلف المجالات وتحقيقها ونشرها، فذلك من أقوى الأسباب الداعية إلى فهم المنهج السلفي وإبرازه وإيضاحه، وقطع الطريق على الخصوم المُلَبِّسين.

والثاني: العمل على إنصاف السلفيين ـ قدماء ومحدثين ـ والذب عنهم، وإبراز جهودهم الكبيرة التي بذلوها خدمة للإسلام والمسلمين، وغيرة على محارم هذا الدين.

والله أسأل أن يصلح أمر آخر هذه الأمة كما أصلح أمر أولها، وأن يهب لنا من لدنه رحمة وعلماً ورشداً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>