ثاني عشر: لا يجوز القياس، ولا التخريج على الرأي الشاذ، بل يترك على شذوذه؛ لأنه رأي باطل لا يصح البناء عليه.
ثالث عشر: إذا حكم حاكم برأي شاذ فيجوز نقض حكمه؛ لأنه مخالف للدليل القطعي، وذلك له حالات تم بيانها في موضعه.
رابع عشر: درس الباحث القواعد الأصولية، والفقهية المتعلقة بالشاذ دراسة موسعة، مبيناً أهم موضوعاتها، وتطبيقاتها.
خامس عشر: للآراء الشاذة أثر على علم أصول الفقه، ومن ذلك الأثر ما هو إيجابي، كالتوسع في دراسة كثير من المسائل، والرد على الشبهات فيها، والعمل على تنقية هذا العلم من هذه الآراء، ببيانها، والتحذير منها، وكذلك من الفروع المبنية عليها.
كما أن لهذه الآراء أثراً سلبياً على هذا العلم، كوجود اللوازم الباطلة لهذه الآراء، وزعزعة بعض الأصول الراسخة عند عامة المسلمين، وانتشار التقليد، ووضع الحديث، والتعصب، وتضخيم مصنفات أصول الفقه بهذه الآراء مع عدم فائدتها، وظهور بعض الفتن التي اعتمدت على بعضها.
سادس عشر: لدفع الرأي الشاذ وإبطاله طرق هي: إثبات عدم صحة المخالفة، وإثبات أن الإجماع انعقد قبل خلاف من شذ، وإثبات أن المخالف رجع عن قوله الذي شذ به، وكذلك إثبات أن اتفاق المجتهدين ينعقد مع مخالفة الواحد والاثنين.
الجانب الثاني: نتائج عامة لاستقراء ودراسة الآراء الشاذة:
من خلال التأمل في الآراء التي تمت دراستها يظهر لي بعض النتائج العامة حولها، وهي كما يأتي:
أولاً: أن الله عز وجل جعل الأدلة الشرعية التفصيلية للاستدلال على الحكم الشرعي من خلال قواعد أصول الفقه، وليس للنص عليه، وبذلك يكون المجتهد المستنبط من النصوص الشرعية دائر بين الأجر، والأجرين.
ثانياً: أن عدداً من مسائل أصول الفقه التي نقل فيها آراء شاذة يرجع الخلاف فيها إلى اللفظ، ولا ينبني عليها ثمرة.
ثالثاً: أن بعض علماء أصول الفقه تميزوا بنقد الآراء الشاذة عند ذكرها، والتحذير منها، ومن أولئك الآمدي، المرداوي.
رابعاً: أن مناهج علماء أصول الفقه تفاوتت في وصف الآراء بأنها شاذة؛ ذلك أن منهم من تساهل فأطلق على الرأي الضعيف، أو المرجوح بأنه رأي شاذ، ومنهم من لم يطلق هذا الوصف إلا على آراء معدودة.
خامساً: تميز علماء أصول الفقه بالإنصاف عند مناقشة المخالفين، وخاصة أصحاب الآراء الشاذة، ويدل محاولة بعضهم الجمع بين الرأي الشاذ والآراء المعتبرة، أو بيان سبب وجوده، أو الاعتذار لمن نسب إليه.
سادساً: أن التوسع في إدخال المباحث المنطقية في العلوم الشرعية، وخاصة أصول الفقه، وحرص بعض الأصوليين على ذلك أدى إلى وجود الآراء الشاذة، ذلك أن النظر في المشروع يباين النظر في المعقول.
سابعاً: أن عقيدة بعض علماء أصول الفقه كان لها أثر على ما يختارونه من آراء، حيث ظهر أن عدداً من الآراء الشاذة عندهم كان سبب الخلاف فيها رجوعها إلى أصل عقدي انفردت به أحد الفرق.
ثامناً: دقة علماء أصول الفقه في الاستنباط والاستدلال حيث نبهوا على آراء شاذة بسيطة، لم يعلم قائلها.
الجانب الثالث: نتائج خاصة للآراء الشاذة التي قمت بدراستها:
الآراء الشاذة في أصول الفقه لا يجوز الاعتماد عليها، ولا الاهتمام بها، كما لا يجوز ذكرها إلا لردها، وبيان بطلانها، وقد قمت بدراسة ذلك بتوسع فكان من أهم نتائجه ما يأتي:
١ - أن القول بمنع نسخ التكليف إلى الأثقل رأي شاذ؛ لمعارضته أصل التكليف، والنص القرآني الصريح.
٢ - أن الخلاف في حكم التكليف بالفعل قبل حدوثه خلاف لفظي، والجمهور على أن المنع رأي شاذ.
٣ - أن الخلاف في كون المباح مأمور به مع الكعبي خلاف لفظي، ومع ذلك فله جانب معنوي من خلال ما يلزم عليه من لوازم باطلة.