ـ وأما من كان من أهل القتال، وكذلك الأسرى الذين أخذوا في الحرب ـ فهناك عدة خيارات في الحكم عليهم تبعاً للمصلحة الراجحة، كالقتل، والاسترقاق والفداء، وعقد الذمة والأمان .. ويجوز عقد المعاهدات مع العدو على وقف الحكم ببعض هذه الخيارات، كالقتل والاسترقاق .. ويجب الوفاء بهذه المعاهدات، بحسب أحكام الشرع.
ثامناً:
[حول الجهاد في العصر الحديث].
٢٩ـ كل علاقة بين البلاد الإسلامية وبين البلاد الأخرى يترتب عليها الضرر بالمسلمين ـ لا يجوز الدخول فيها، كالأحلاف العسكرية، وتأجير القواعد، والمطارات، وبيع المواد الاستراتيجية، وسائر المساعدات الأخرى.
٣٠ـ إذا نشبت الحرب بين الأقطار الإسلامية ـ وجب على المسلمين السعي لإيقاف هذه الحرب، والصلح بين تلك الأقطار، والحيلولة دون تدخل الدول الأجنبية في النزاعات التي تقع بين المسلمين.
٣١ـ إذا أكره المقاتل المسلم على الذهاب إلى قتال غير مشروع ـ يرخص له أن يحضر ميدان المعركة ـ بسبب الإكراه ـ ولكن لا يجوز له أن يقوم بأي عمل يترتب عليه قتل من يحرم عليه قتله إلا في حالة الدفاع عن النفس.
٣٢ـ يعتبر إنشاء المنظمات القتالية في العالم الإسلامي، من أجل القيام بالصراع المسلح ضد العدوان، أو القيام بالعمليات الفدائية داخل بلاده، ونحوها .. ـ يعتبر ذلك من أعمال الجهاد في سبيل الله، إذا حسنت النية، وكان إنشاء تلك المنظمات، ونشاطاتها استجابة لأمر الله عز وجل.
٣٣ـ لا يجوز للمنظمات أن تتلقى أي دعم إذا كان من شأنه أن يفرض عليها الوصاية التي تمنعها من ممارسة نشاطها الواجب بحكم الشرع.
٣٤ـ لا يجوز الانتماء إلى أي منظمة تقوم على أساس غير مشروع، مثل العمل على اقتطاع أجزاء من البلاد الإسلامية المستقلة، لإنشاء مزيد من الدويلات المنفصلة في العالم الإسلامي.
٣٥ـ إذا نشب القتال بين المنظمات القتالية ـ وجب على المسلمين العمل على وقف القتال بينها، والسعي إلى الصلح بين الأطراف المتحاربة، بكل طريق ممكن، على حسب أحكام الشرع.
ثانياً ـ كلمة الختام
إن ما نريد الحديث عنه، بإيجاز شديد، في هذه الخاتمة ـ كما جاء في خطة الرسالة ـ يتلخص في ثلاث نقاط، هي:
١ـ النقطة الأولى: مقارنة سريعة بين الواقع التاريخي للجهاد الإسلامي، وخلوه من الأطماع، والأحقاد. وبيان ما ينطوي عليه من تحرير للأمم والشعوب .. وبين واقع القتال عند غير المسلمين، قديماً وحديثاً، وبيان ما حمل، ويحمل في طياته من شرور ونكبات.
٢ـ النقطة الثانية: دعوة خالصة لتوحيد الصفوف الإسلامية ضد العدو الحقيقي، تمهيداً للاضطلاع من جديد بالدور الإنساني الذي كلف الله عز وجل المسلمين أن يقوموا به من تحرير للأمم والشعوب، وإزالة العوائق المادية أمام تبليغها آخر رسالات السماء إلى الأرض، لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الساعين بالفساد هي السفلى.
٣ـ النقطة الثالثة: الهدف من تبليغ الإنسانية رسالة الإسلام، وإزالة العوائق المادية من طريقها بالجهاد، إذا لزم الأمر ـ هو الوصول إلى الإسلام الحقيقي، والرفاهية الحقيقية في هذه الحياة الدنيا، والفوز بالسعادة، ورضوان الله في الحياة الأخرى...
هذا، وفيما يلي، إلمامات خاطفة ـ كما أشرنا ـ مما يتفق مع طبيعة الخاتمة، حول النقاط الثلاث ..
١ـ النقطة الأولى: الأطماع والأحقاد بين واقع الجهاد الإسلامي، وواقع القتال عند غير المسلمين.
عرفنا فيما تقدم من بحوث أنه لم يكن من وراء تشريع الإسلام للجهاد أية أطماع فيما لدى الأمم والشعوب من ثروات ومقدّرات .. وأيضاً لم يكن الهدف من الجهاد هو الفتك بالأعداء من أهل الحرب تنفيساً عن أحقاد تغلي في الصدور، لأنه قد سبق لهم عدوان على المسلمين، أو لأنهم يدينون بغير الإسلام.
لم يكن من رواء تشريع الإسلام للجهاد شيء من ذلك على الإطلاق، كما تقدم، وإنما كان الغرض من تشريع الجهاد هو تحرير البشرية من أنظمة الاستبداد، علىالأرواح، أو على الأجساد!