١١ - والمواطنة في الدول الإسلامية تتسع للمسلمين بإسلامهم وولائهم لجماعة المسلمين وغير المسلمين بولائهم للدولة الإسلامية. والفريقان جميعا يشكلان مجتمعا إسلاميا يجريان حياتهم الاجتماعية على النظام العام الإسلامي. وتنقطع المواطنة بما يعد خروجا على جماعة المسلمين بالارتداد عن الإسلام وتفضيل تقديم الولاء لدولة الحرب على دولة الإسلام بالنسبة للمسلمين، وبإعطاء الولاء لدولة الحرب وهتك حرمات العهد بالنسبة لغير المسلمين.
١٢ - جميع المواطنين في الدولة الإسلامية مكرمون على حد سواء من حيث إنسانيتهم كوضع طبيعي ومنحة ربانية، وخضوع الجميع حكاما ومحكومين لنظام العام الإسلامي لا يخل بمبدأ الحرية الدينية التي يجب إعطاؤها لغير المسلمين بتمكينهم من ممارسة عباداتهم وكل ما يلزمها من العناية بدور العبادة، وتعاطي كل ما يعتقدون حله في دينهم، وتنظيم أحوالهم الشخصية ويقف المسئولون في الدولة أمام الجميع موقف المسئولية عن توفير حقوقهم المشروعة.
١٣ – يشترك جميع المواطنين في التمتع بحقوق المواطنة على أساس المساواة (لغير المسلمين ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين)، إلا ما تتطلبه ضرورة احترام الخصوصيات الدينية، كما أن غير المسلمين يستثنون من الخضوع للشريعة في أمورهم الدينية. فيتمتع الجميع بحق الحماية على النفس وما يتبعها من مال وأهل وعرض من أي اعتداء، وحق توفير مقومات الحياة الكريمة، وحق العمل والكسب والتنقل الحر لتسخير طاقاتهم الإيجابية، وفرص التوظيف في الدولة، والمشاركة في تسيير دفة أمورها مع اختصاص المسلمين بمناصب الولاية سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو العسكرية.
١٤ – وحقوق المواطنين في الدولة الإسلامية وجدت ضماناتها في صميم الدين الإسلامي فتحظى باستقرارها في النفوس استقرار الإيمان بتعاليم الإسلام ذاتها. كما تحظى بالثبات ثبوت المقررات الشرعية التي لا تتبدل، وبتواصي المسلمين بعضهم البعض بالتزام الواجب الديني في هذا الخصوص وإزالة ما يعترض طريقه. ومصداقية ذلك محفوظة في مواقف العلماء والصالحين من أبناء الأمة طوال تاريخ التعايش بين المسلمين وغيرهم.
١٥ – والأجانب في الدولة الإسلامية هم غير المسلمين الذين لا يرغبون في الإقامة الدائمة على أرضها. وفي تسميتهم بالمستأمنين إشعار بتأكيد توفير الأمان لهم مدة إقامتهم فيها، ولا يقتصر ذلك على الحماية من ظلم المواطنين، بل أيضاً نصرتهم على من يحاربونهم من غير المسلمين ما داموا داخل الوطن الإسلامي. ولدخول المسلمين أرض الدولة الإسلامية بأمان أمر يسير للغاية. وذلك بوجود العلاقة السلمية بين دولتهم والدولة الإسلامية أو بتأمين من أي مواطن مسلم لهم ولو بغير طلب منهم، وتم شفهيا، دون اشتراط موافقة المسئولين في الدولة على ذلك. وتصح ذمة مواطن واحد طرديا ذمة جميع المواطنين من أدناهم إلى أعلاهم. وتحديد مدة إقامة الأجانب يتوقف على اعتبار المصلحة الذي يرجع إلى المسئولين. ويطبق على الأجانب قانون الدولة الإسلامية فيما يتعلق فقط بحقوق العباد من الحدود وغيرها عند الإمام أبي حنيفة، كذلك الحدود المتعلقة بحقوق الله عند جمهور العلماء، وللدولة خيار في الأخذ بأي من الرأيين طبقا للمصلحة القائمة والمعتبرة.