٣ - الاختلاف والمنازعة مع غير (العلماء والأمراء) من سائر الناس، سواء أكانت لهم صلة قرابة بأولئك أم لا، وسواء أكانوا ذوي جاه أم مال أم غير ذلك. فالطاعة في الأمور العامة إنما هي لفريقين هما: العلماء والأمراء إذا أمروا بطاعة الله.
٤ - مناصحة الإمام أو أحد ولاته أو أحد المسؤولين عن أمور المسلمين. سواء أكانت هذه المناصحة بطريق مباشر أم غير مباشر وسواء أكانت دعوة إلى الخير المطلق أم أمراً بمعروف أم نهيا عن منكر. وسواء أكانت الدعوة متعلقة بشخصه أم بأمر متعلق بشؤون المسلمين. وسواء أكانت في أمر من أمور العبادات المحضة أم في أمر من أمور العادات، مما له حكم شرعي. وإذا كانت الوسائل والأساليب تختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، فإنه ينبغي للناصح أن يتخير من ذلك ما يليق بالمنصوح له. ومن الخطأ الفاحش اتخاذ وسيلة أو أسلوب واحد مع كل الناس (أميرهم ومأمورهم، وعالمهم وجاهلهم، وصالحهم وطالحهم) وما ذاك إلا عنوان الجهل والحمق والتغفيل. على أنه يلاحظ في عصرنا هذا أنه ظهرت وسائل حديثة للتعبير عن الرأي (غير ما هو معروف ومألوف) مثل الصحافة، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ومن شكر المنعم سبحانه بهذه النعم أن تسخر في ما ينفع ويفيد، ولا يجوز أن تترك للعابثين بالمبادئ والقيم، والناكصين عن الحق، والراغبين في شيوع الفحشاء والمنكر. وعلى من بيدهم الحل والعقد أن يعرفوا قيمة هذه الوسائل وآثارها الاجتماعية ويسخروها في إعلاء كلمة الحق ودحض الباطل. ١٠ - وإذا عرفنا أن الخروج بالسيف على الإمام المسلم الحاكم بشرع الله (وإن فسق) يعد جريمة فإن الخروج على الأمة أيضاً أشد جرماً. فمن شق عصا المسلمين وخالفهم في معتقدهم أو في أمر شرعي ضروري أو أثار الفتن والعصبيات الجاهلية فلا شك أن فيه جاهلية وهو مجرم في حق دينه وفي حق أمته. وكذلك يصح أن يقال بأنه قد ارتكب جريمة سياسية عظمى وخان الله ورسوله والمؤمنين. سواء في ذلك الخروج الفكري والخروج السياسي. فمن خالف منهج أهل السنة والجماعة مخالفة صريحة في قضية عقدية ودعا إلى مذهبه فهو مخالف للجماعة وخارج عنها. ومن أعلن ولاءه لنحلة شاذة أو فرقة ضالة، أو مذهب غربي غريب فقد حاد الله ورسوله والمؤمنين. ومن أثار الشغب وفرق الجماعة وألب الناس ضد السلطة المسلمة الحاكمة بما أنزل الله فقد فارق الجماعة وشذ عنها. وكل أولئك يستحقون العقوبة البالغة.
١١ - من الخطأ أن يكون العنف وسيلة من وسائل الإصلاح أو العلاج، سواء من جانب الراعي أو الرعية. فإذا أخطأ الراعي أو تجاوز الحدود وهضم الحقوق فليس علاج ذلك وتقويمه بالعنف وإنما بالنصح والتسديد، والإصلاح المتدرج. وإذا أخطأ أحد من الرعية أفراداً أو مجموعات فليس علاج ذلك وتقويمه بالعنف، بل بالحوار. ولابد أن يقوم بهذا الحوار المتأهلون من أهل الحل والعقد وفي مقدمتهم العلماء. وأسأل التاريخ المعاصر يعطك الشواهد تلو الشواهد على صحة ما أقول.