إن قضية المنظمات غير الحكومية ومنها المؤسسات الخيرية العالمية بشكل عام تتعرض للتسييس وإضعاف استقلاليتها وفرض بعض الأندات الحكومية عليها كما أن المؤسسات الخيرية الإسلامية بشكل أخص تتعرض لنوع من الاضطهاد والحرب بدعوى دعمها للإرهاب ولكن البحث العلمي يؤكد أن هناك منظمات ومؤسسات أمريكية غير حكومية تستفيد من المناخ الرأسمالي والضرائب والتبرعات الأمريكية وتقوم بدعم حركات التمرد والإرهاب وإشعال الثورات في أنحاء متفرقة من العالم وقد تأكدت أكثر بحق المنظمات الأمريكية غير الحكومية العاملة تحت ستار دعم الديمقراطية أحيانا في دول جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا ولاسيما في أوكرانيا وقرقيزستان وجورجيا وكازاخستان حسب الكاتب بوكالة الاسوشيتد برس (ستيف قوترمان) وهذا كنموذج ومثال فقط وكما هو واقع المنظمات الأمريكية اليهودية وغير اليهودية في دعم إسرائيل ومنظماتها الإرهابية التي تقوم بشتى صنوف الإرهاب على الشعب الفلسطيني وذلك كما ورد في الفصل السادس من هذا الكتاب. وهذا الواقع المؤلم كله يتطلب لجنة أو لجان دولية مستقلة تستقصى من خلالها جميع وسائل التحريات والتحقيق للوصول إلى الحقيقة عن المنظمات الإسلامية وغير الإسلامية وقد تكون الأمم المتحدة المرشح الأول بحكم استقلاليتها المطلوبة ومرجعيتها ومسؤوليتها عن هذا النوع من العمل وقد يكون غيرها والمهم هو الإخلاص والمصداقية في فتح هذا الملف دوليا دون احتكاره لدولة واحدة وذلك لإغلاق أبواب الدعاوى والمزاعم والإثبات أو النفي بحق الجميع.
سادسا: إن كل هذه الضجة التي تثار على المؤسسات الخيرية الإسلامية عالميا والسعودية بشكل أخص انطلقت بحمى التعميم الأعمى ولا تستند إلا إلى واقعة واحدة وهي أن فرعين من إحدى هذه المؤسسات أغلقا بإجراء سياسي أمني على أنهم قد أقدموا على تصرف غير مرغوب فيه.
إن نتائج هذا البحث قد اتضحت في الفصول السابقة بشكل عام وفي الفصل الرابع والخامس بشكل خاص وتأكدت في الفصل الثالث حيث المرافعة العلمية لتقرير الكونجرس الذي خلا من ذكر أدلة أو وقائع محددة بالاتهام واتضحت النتائج بشكل أكثر في الفصل السابع حيث الدوافع والأهداف ومن خلال أقوال شخصيات غربية وأمريكية ليكتشف الباحث عن الحقيقة بإخلاص حقيقة تلك المزاعم. إن العقلاء في الحكومة ومن يمثل الشعب الأمريكي في مؤسساته عليهم أن يدركوا عواقب التعميم والمكارثية الجديدة وأن لا ينساقوا وراء اليمين والمتطرف واللوبي الصهيوني الذي يجر العالم إلى صراع الأديان والحضارات فإن التعميم توسيع للدوائر وبالتالي إشعال للفتيل ولعب بالنار مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة وإلى هذا أشار جيرولد بوست الأستاذ بجامعة جورج واشنطن مؤتمر مدريد الدولي لمكافحة الإرهاب قائلا:(عندما تتخلى الدولة عن المبادئ الأخلاقية تتضاعف احتمالات الإرهاب).
سابعا: إن هذه الدراسة وبقدر ما يظهر أنها دفاع عن المؤسسات الخيرية الإسلامية وبقدر ما ظهر من النتائج وأنها إدانة لتلك الدعاوى وتعرية لمركز القوى اليمينية المتطرفة في أمريكا التي تجر الشعب الأمريكي والعالم إلى صراع الحضارات – بقدر ذلك كله وبرغم أهميته – إلا أن هدفها الحقيقي والأسمى بعد نتائج البحث هو إطلاق صيحات تحذير قوية لما قد تنتهي إليه الأمور إن استمرت تلك السياسات الحمقاء فالبشرية مهددة في ازدهارها ونموها وأمنها بل في بقائها واستمراريتها إننا نتمنى أن نسمع الخوف على مستقبل البشرية وتعمل على إبقاء حرية التنافس والمنافسة والحيلولة دون الصراعات والحروب.
وأخيرا وأنا أرى الضحايا البريئة في الحرب على الإرهاب تزداد يوما بعد يوم وتتنوع بشكل يدعو للدهشة مخلفة المزيد من الفقر والجهل والمرض والموت والدمار بل إن هذه الحرب بدوافعها وأهدافها ووسائلها ونتائجها المرعبة قد تجاوزت كل الأعراف والقيم والحقوق الإنسانية بحق الشعب الأمريكي وشعوب ودول العالم وأنا أرى ذلك كله شعرت بدافع يدفعني إلى تأمل كلمة للرئيس الأمريكي بوش الابن وردت في خطابه للشعب عشية الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م (نحن منارة الحرية الأسطع ضوءا والأعظم إشعاعا) وكيف يكون ذلك والواقع لا يصدق ذلك وقد وجدت أن كلام الله أصدق وأبلغ من أي كلام والمؤمنون في كل مكان يؤمنون بكلام الله حيث قال جل من قائل في القرآن الكريم: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)[الصف: ٨].
(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض)[الرعد: ١٧]. فنور الحقيقة لن تطفئه القوة مهما بلغت لأن الحق أكبر من القوة بل هو القوة الحقيقية.