ومن خلال دراسة الحرف العلمية والصحية اتضح كيف أن الكتابة العربية كانت معروفة في الحجاز قبل الإسلام ووجد من يعلمها الصبيان في الطائف وغيرها وحينما جاء الإسلام حث على التعليم وأكد على تعليم الصبيان القراءة والكتابة مما جعل المسلمين يبرزون في هذا المجال فيما بعد.
إضافة لذلك فقد حث الرسول (صلى الله عليه وسلم) المسلمين على تعلم لغات الأعداء للأمن من مكرهم، فوجد مترجمون مختصون بين المسلمين كانوا يلبون حاجة المسلمين أيام الرسول (صلى الله عليه وسلم).
كما أن الطب كان معروفا بين سكان الحجاز ووجد عدد من الأطباء أشهرهم (الحارث بن كلدة) طبيب العرب كما وجد أطباء آخرون غيره وتميز ذلك العصر بأساليب خاصة في علاج الأمراض حسب ما تتيحه الظروف في تلك الأيام كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بإقامة أول مستشفى في الإسلام وهي خيمة (أم رفيدة الأنصارية) في مسجده حيث كانت تداوي الجرحى أثناء غزوة الخندق، واشتهرت حرفة الحجامة في تلك الأيام وكان يقوم بها أناس مختصون، كما وجد العطارون، الذين يبيعون للناس الطيب والأعشاب الطبية إضافة إلى بعض الأشياء المتعلقة بالتجميل.
واستعرضنا ما تحترفه بعض النساء من تجميل للعرائس إضافة إلى الأساليب المتبعة في التجميل في تلك الأيام وموقف الإسلام منها.
وفي الفصل الأخير مررنا ببعض الحرف العامة التي كانت شائعة في بلاد الحجاز وتختلف نظرة العرب إليها كل حرفة على حدة وموقف الإسلام من هذه الحرف ومدى انتشارها فاستعرضنا الحدادة والعاملين فيها ومدى الحاجة إليها ومدى ما وصلت إليه من تطور في تلك الأيام. ثم استعرضنا الصياغة والتعدين وصناعة حلي النساء وغيرها، ووجدنا أن هناك صوّاغاً معروفين يقومون بعمل الحلي والأختام وغيرها ويحلون الأسلحة.
وانتهينا إلى أن الدباغة كانت من أهم الحرف في منطقة الطائف ووجود أناس يقومون بهذه الحرفة ولم يكن أهل الطائف يحتقرون هذه الحرفة، كما أن الخرازة وهي عملية تحويل الجلود إلى أثاث أو أحذية أو أشياء أخرى يستفاد منها كانت قائمة في المنازل في مكة وفي المدينة وغيرها ووجد من أمهات المؤمنين من تقوم بذلك وتتصدق على المساكين من دخلها من هذا الجانب.
واستعرضنا حرفة الغزل والنسيج وما يلحق بها من خياطة وصباغة وتبين لنا مدى تطور هذه الحرف وأنها كانت منتشرة في مختلف مناطق الحجاز وتتدرج من حيث الأهمية بين منطقة وأخرى وكان تركيزها بالدرجة الأولى على الاستفادة من الخامات المحلية من أصواق أو سعف نخيل وغير ذلك، وأشرنا في نهاية البحث إلى وجود الأجراء بمثابة العمال غير المختصين الذين يقومون بإنجاز بعض الأعمال مقابل أجر معين، ومن هؤلاء كان السقاة والحمالون وغيرهم.
وقد رأينا من خلال البحث كيف كان الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء يشاركون في هذه الحرف بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك في الكثير منها سواء في رعي الغنم أو في التجارة في مكة أو في قيامه صلى الله عليه وسلم بعمل الأشياء الخاصة به وصيانتها من سلاح أو لباس وحذاء وغير ذلك فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب للمسلمين المثل في ذلك. أسأل الله أن أكن قد أديت بعضا مما ينبغي لهذا البحث وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.