وتنافس خلفاء نادر شاه على الحكم، فدب الفساد في دولته، صحيح أنه ليس من بين خلفائه من يصلح مقارنته به، كما أن اختلاف السكان وتباين العناصر في تلك البلاد لم يكن من شأنه أن يسهل مهمة هؤلاء الملوك، والمعروف أنه اندمجت في إيران، وانضمت إليها، عروق جديدة كالعرب في لورستان، وبعض عناصر العرق الأصفر من المغول والتتار والأتراك. وهكذا بدت إيران خليطاً من القبائل والأقوام، واقتصر حكم ورثة نادر شاه على خراسان، واحتفظوا بمشهد عاصمة لهم، ونجح الأفغان في استعادة استقلالهم، وشكل التركمان الذين خرج منهم معظم قادة الدولة الصفوية؛ جماعات عسكرية سيطرت على الولايات الواقعة إلى الشمال والممتدة من أرمينيا إلى أفغانستان، وكانت أصفهان وأستر آباد وقندهار من حواضرهم الكبرى.
وحاول زعمان قبائل البختيار والزند إقامة سلطة الإيرانيين في الجنوب والغرب، فقامت في البلاد دولة وطنية قومية هي دولة الزند بزعامة كريم خان وانتزع هذا أصفهان وأذربيجان ومازندران من أيدي القوزاق الأتراك التابعين لروسيا، فحقق بذلك وحدة إيران الغربية الممتدة من شواطئ بحر قزوين حتى مشارف الخليج العربي واتخذ شيراز عاصمة له.
وما حدث بعد وفاة كريم خان في عام (١١٩٣هـ/ ١٧٧٩م) من نزاعات أسرية حول العرش لم تكن قاصرة على الأسرة الزندية، بل اشتركت فيها أسرة قاجار التركمانية الخصم العنيد للأسرة الزندية، ونجح آغا محمد القاجاري من انتزاع السلطة من أيدي الزنديين وتخلص من منافسيه وأضحى أقوى رجل في إيران، وتوج نفسه شاهاً على البلاد قبل أن يلقى حتفه في عام (١٢١٢هـ/ ١٧٩٧م) مقتولاً.
استمرت الأسرة القاجارية في الحكم حتى أسقطها انقلاب رضا بهلوي في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتحديداً في (شوال ١٣٤٤هـ/ نيسان ١٩٢٦م) في ظل آخر ملوكها أحمد القاجاري.