" السبب السابع": المصائب الدنيوية التي يكفر الله بها الخطايا، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا غم، ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" [أخرجه مسلم (٢٥٧٣)]. والصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يبتلون بالمصائب الخاصة، وابتلوا بمصائب مشتركة كالمصائب التي حصلت في الفتن، فهذه كلها مما يكفر الله بها ذنوب المؤمنين من غير الصحابة فكيف بالصحابة؟
" السبب الثامن" ما يبتلى به المؤمن في قبره من الضغطة وفتنة الملكين.
" السبب التاسع " ما يحصل له في الآخرة من كرب أهوال يوم القيامة.
" السبب العاشر" ما ثبت في الصحيحين أن المؤمنين إذا عبروا على الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
فهذه الأسباب كلها لا تفوت من المؤمنين إلا القليل، فكيف بالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟ ثم هذا في الذنوب المحققة. فكيف بما يكذب عليهم؟ فكيف بما يجعل من سيئاتهم وهو من حسناتهم؟ وهذا كما ثبت في الصحيح أن رجلا أراد أن يطعن في سيدنا عثمان عن ابن عمر رضي الله عنه فقال: إنه قد فر يوم أحد، ولم يشهد بدرا، ولم يشهد بيعة الرضوان. فقال بان عمر: أما يوم أحد فقد عفى الله عنه وأذنب عندكم فمل تعفوا عنه، وأما يوم بدر فقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على ابنته وضرب له بسهمه، وأما بيعة الرضوان فإنما كانت بسبب عثمان فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مكة وبايع عنه بيده، ويد النبي خير من يد عثمان. فقد أجاب ابن عمر بأن ما تجعلونه عيبا ما كان عيبا فقد عفى الله عنه والباقي ليس بعيب بل هو من الحسنات. وهكذا عامة ما يعاب به الصحابة هو إما حسنة وإما معفو عنه.
رضي الله عنهم أجمعين، اللهم ارزقنا حبهم، واحفظنا من سبهم، ومن علينا بحقيقة الاحترام لهم. آمين.
وهذا ما يسر الله كتابته مع انشغال بال، والميسور لا يسقط بالمعسور، وأستغفر الله العظيم، وأسأله أن يتجاوز عني ما وقع فيه من خطإ وإني من المعترفين بالقصور، وأستغفره وأسأله التوبة والمغفرة من جميع الذنوب، وأسأله سبحانه وتعالى أيتقبل هذا العمل مني بمحض جوده وفضله وأن ينفع به. آمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا. آمين والحمد لله رب العالمين.
وقد صادف الفراغ من كتابته يوم الثلاثاء عشية يوم خمس وعشرين من شهر جمادى الثانية عام ثمان وعشرين وثلثمائة وألف ببندر سنغافورة.