١٣ - ندد بما تفعله بعض الفرق الإسلامية من تكفير مخالفيهم بالإلزام أو التأويل أو نحوهما، أو تكفير العامة لغلطهم في بعض المسائل العقدية الدقيقة, أو لغفلتهم عنها؛ وأكد على عدم جواز تكفير المسلم إلا بقاطع، وأنه لا يكفي في ذلك الظن بله الوهم والخيال.
١٤ - سلط الأضواء على خطر الخلاف، وبين أسبابه ومسبباته، وأرشد إلى سبيل النجاة منه، وعاب على الفرق الإسلامية تعدادهم الفرق ليبلغوا بها ثلاثا وسبعين فرقة بحسب ما جاء في الحديث النبوي، وحكم كل منهم لنفسه ومن وافقه بأنه الفرقة الناجية، ورفض الحكم على فرقة إسلامية معينة بالهلاك أو بأنها الفرقة الناجية، بل وسع مفهوم الفرقة الناجية حتى شمل كل المُعْتَزِين إلى جملة الإسلام ظاهراً أو بحسب التحقيق اجتهاداً أو تقليداً، وهم الجماعة والسواد الأعظم، وأما المبتدعة فنزر قليل بالنسبة إليهم.
١٥ - وقف مواقف شديدة من الفلسفة والفلاسفة وعلم المنطق، وعلم الكلام والمتكلمين، والتصوف والمتصوفة لاسيما الغلاة، إلا أن بعض هذه المواقف يبدو معتدلاً إلى حد ما إذا ما قورن بمواقف علماء آخرين من هذه العلوم وأهلها، ونظر إليه في سياق الظروف التاريخية التي شهدها المقبلي، والصراع الفكري والمذهبي الذي عاشه وتفاعل معه.
١٦ - أحسن تقدير العقل، فوضعه في موضعه الطبيعي، ووقف منه موقفاً وسطا بين الإفراط والتفريط، فلم يبخسه مكانته التي رفعه الله إليها، ولا جاوز به الحد الذي حده له.
١٧ - حظيت مسألة التحسين والتقبيح العقليين ومسألة الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى ومسألة الفعل الإنساني – بنصيب وافر من اهتمامه، وقد أثبت التحسين والتقبيح والحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى وأحكامه، وأثبت للإنسان في فعله قدرة مؤثرة فيه وإرادة له وعلماً به وباعثاً عليه.
١٨ - أكد على أهمية الإمامة الكبرى، وذهب إلى أن السعي لنصب الإمام أو الخليفة كسائر التكاليف الشرعية المأمور بها، ورفض كثيراً من الشروط التي اشترطت في الإمام أو الخليفة؛ ورأى أن العبرة فيه بما يقوم به المقصود وهو تقويم أمر العامة دون منصب خاص أو شرط لا يعود على ما ذكر.
١٩ - اهتم بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحض على القيام به بشروطه، ومارسه في حياته العملية وفق ضوابطه الشرعية.
٢٠ - حض على الالتزام بالضوابط الشرعية في مسألة الخروج على أهل الجور والفسق من الأئمة والأمراء, والصبر عليهم ما لم ير كفر بواح فيه من الله برهان، ومحاذرة الفُرْقَة والخلاف، وتحقيق الائتلاف بين المسلمين ما وجد إليه مدخل، وتقديم مصلحة الإسلام العامة على ما سواها.
٢١ - حث على مخالطة العلماء للحكام والأمراء إذا انضبطت بالضوابط الشرعية وكانت تتسبب في حصول مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخَلُصَتْ تلك المصلحة عن المفسدة، فإن لم تنضبط تلك المخالطة بالضوابط الشرعية, أو عارض المصلحة التي تسببت في حصولها مفسدة، أو تولد عن تلك المصلحة مفسدة أخرى أعظم – حَرُمَتْ، وقد راعى المقبلي تلك الضوابط والشروط في مخالطته للحكام والأمراء على نحو ما مضى بيانه.
٢٢ - اتسمت مواقفه من القضايا السياسية التي ناقشها بالاعتدال والتوازن والواقعية إلى حد كبير؛ لخطورة تلك القضايا، ولما يترتب عليها من آثار جسيمة في حاضر الأمة ومستقبلها.
٢٣ - ظهر بالاستقراء أن الجهود التي بذلها المقبلي في الإصلاح والتجديد والتغيير كانت بفعل مؤثرات داخلية تمثلت في الأوضاع التي كان يعيشها المجتمع الإسلامي آنذاك من الضعف والجمود والتقليد التعصب الطائفي والمذهبي عقديا وفقهيا؛ إذ آمن بضرورة السعي الدؤوب المخلص لإصلاح تلك الأوضاع وتغييرها نحو الأفضل، حتى تنهض الأمة المسلمة، وتستعيد مجدها الغابر وعزها السليب، وتقوم بمهمة الاستخلاف، وتؤدي الدور الحضاري المنوط بها بين الأمم على أتم وجه.