٩ - في مسألة التوسل: يقول ابن تيمية رحمه الله تبعاً لقول السلف – بحرمة التوسل بالأموات، أو بالأحياء فيما لا يقدرون عليه، أو في مغيبهم، وأن التوسل المشروع هو التوسل إلى الله عز وجل بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، أو التوسل بعمل صالح في قضاء الحوائج، أو التسول إلى الله عز وجل بدعاء الرجل الصالح، وأما التوسل بالذوات فلا يجوز، لا ذوات الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا في حياتهم، ولا بعد مماتهم، وكل ما استدل به المبتدعة على جواز التوسل أو الاستغاثة بهم فإما أن يكون الدليل غير صحيح، أو أن يكون صحيحاً لكن الاستدلال به غير صحيح.
١٠ - يعتقد ابن تيمية رحمه الله عقيدة أهل السنة والجماعة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبتهم وتوليهم، ورعاية حقوقهم، والإقرار بعدالتهم، وعدم سبهم وتنقصهم، وعدم الخوض فيما وقع بين الصابة – رضوان الله عليهم أجمعين -.
ويعتقد أن أفضلهم الخلفاء الراشدون الأربعة وأن مرتبتهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
١١ - يعتقد ابن تيمية رحمه الله في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجوب محبتهم، والثناء عليهم، ومنهم أزواجه صلى الله عليه وسلم، وأن لهم مكانة بحكم قربهم منه صلى الله عليه وسلم، وقد بين ابن تيمية رحمه الله أن لهم حقوقاً لا يشركهم فيها أحد غيرهم.
١٢ - بعد دراسة كتب ابن تيمية رحمه الله حول تحديد قوله في مسألة دوام النار وبقائها، وهل هو يقول بما قال به السلف أم أنه يقول أو يميل إلى خلاف ذلك؟، فتبين – والله أعلم – أنه يقول بما قال به سلف الأمة، وأئمتها، وسائر أهل السنة والجماعة من أن من المخلوقات ما لا يعدم، ولا يفنى بالكلية كالجنة والنار.
وأما النصوص الأخرى التي استدل بها من قال: إنه يقول بفناء النار أو يميل إلى القول به، فهي: إما نصوص محتملة مجملة غير صريحة، فترد إلى النصوص الواضحة المبينة، وإما نصوص استدلوا بها وهي لا تصلح للاستدلال كما قد تبين، والله أعلم بالصواب.
وبعد، فهذا جهد المقل، أرجو فيه الثواب والمغفرة من رب الأرض والسموات، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده وله المن والفضل، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، فأسأل الله أن يأجرني على غنمه، وأن يغفر لي غرمه، وأن يرزقني الإخلاص والسداد في القول والعمل، وفي السر والعلن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو المستعان ونعم الوكيل.