٤ - مبحث: اختزال بعض القيم الثقافية في عصر العولمة. في هذا المبحث حاول الباحث – وعلى قدر علمه ومدى استطاعته – كشف النقاب عن الجذور النفسية والعقدية الغربية، بحكم أن الغرب هو قائد ظاهرة العولمة، بل وصانع ثقافتها. وخلص الباحث إلى أن العولمة يشم من بعض تطبيقاتها الفكرية والعقدية إعلاء وتعظيم للعنصر الآري – الغربي – بحجة أن هذا العنصر محمل بجميع الفضائل والخصائص الصالحة لبني البشر. وهي دعوة عنصرية بغيضة غير مقبولة، لا من شرع ولا من عقل، بل إن الواقع يكشف حقيقة هذا التزييف والتضليل المخبوء تحت هذه الشعارات.
كما أن من صور الاختزالات التي تحدث في عصر العولمة هو اختزال مصادر المعرفة في الجانب المادي فقط. ولا شك أن لهذا الإجراء الاختزالي عواقب وخيمة، إذ أنه يمثل بالنسبة للمسلمين إلغاء لعالم الغيب بكل مكوناته. والغرب يفعل ذلك بحجة أن هذه الأمور الغيبية لم تثبت مخبرياً، أو لم تخرج مؤيدة بحكم الآلة. ولا شك أن في هذا ظلم، ليس للمسلمين فقط، بل لكل البشرية، حين تحرمها العولمة من مصادر أخرى للعلم، كالوحي المعصوم – من قرآن وسنة – الذي يربط الإنسان بخالقه, وما له وما عليه, وأين مآله عاجلاً وآجلاً، بناء على قربه أو بعده عن منهج الله المستقيم.
ومن صور الاختزال التي يمارسها الغرب ويحاول بثها عبر ظاهرة العولمة؛ هو الاختزال الديني بمعنى محاصرة الدين في ركن الشعائر التعبدية باسم العلمانية اللادينية، وهي دعوة كفرية هادمة لبنيان الدين، وتفريغ للدين من رسالته الداعية إلى بناء الحياة البشرية في ضوء الدين الإسلامي. ولا شك أن هذا الإجراء العلماني – والذي تتبناه العولمة – سيكون له آثار سلبية على الواقع السلوكي، بل وسيكون له آثار سلبية أخرى على نفسية الإنسان حين تتصادم تعاليم الدين مع الواقع الممارس، مما يسبب المزيد من القلق النفسي والتوتر العصبي الذي تعاني منه البشرية اليوم بسبب انفصال المثال عن التطبيق.
٥ - مبحث: المشترك الثقافي. حاول الباحث إلقاء الضوء على أن هناك عناصر ثقافية مشتركة بين بني البشر. وقد حاول الباحث إبراز رؤية الغرب لهذه المفاهيم. ومن أبرز العناصر في هذا المشترك الثقافي – حسب اختيار الباحث – هي:
١ - النظرة إلى الدين: حيث تحاول قوى العولمة العمل على إلغاء أي وجود للدين في حياة الإنسان وعولمة اللادين، عن طريق نشر العلمانية – التي تعني تفريغ الدين من مضمونه ومحاصرته في بعض الأماكن والمناسبات التعبدية – أو تضليل البشرية عن معرفة الدين الصحيح عن طريق تبني دعوة الإبراهيمية وتقديمها للناس على أنها النموذج الصحيح.
٢ - النظرة إلى الإنسان: وخلص الباحث إلى أن الغرب – قائد ظاهرة العولمة – ينظر إلى الإنسان أنه مخلوق في حالة صراع دائم مع الإله الذي خلقه، أو أنه مخلوق حيواني, شهواني, متمرد, ثائر, ومحطم لكل شرع, وخلق, وفضيلة.
٣ - الحرية: تمثل الحرية غاية العولمة، وهي تعني إطلاق سيل من الحريات أمام البشر دون ضوابط شرعية، أو التزامات أخلاقية، إلا ما تقتضيه المصلحة والمنفعة الاقتصادية. وهذا هو لب دعوة العولمة.
٦ - مبحث: الثقافة والهوية الخصوصية في عصر العولمة. تحت هذا المبحث حاول الباحث الحديث عن أهمية الهوية في الحفاظ على كينونة الأمة وتواجدها وإبراز ثقافتها. ومما خلص الباحث إليه، هو أن الهوية الإسلامية معرضة في عصر العولمة لمحاولات الاختراق والتذويب، وذلك عبر بعض المناشط التغريبية الثقافية المختلفة، خاصة في ظل عدم وجود خطوط دفاعية ثقافية إسلامية، سواء كانت إعلامية أو مؤسسات تربوية وتوعية جادة.