للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمناسبة ذكر هذا الحديث أنصحك أخي القارئ أن تدخر لنفسك عملاً صالحاً جليلاً ولا تخبر به أحداً ما استطعت ينفعك إذا أدخلوك غارك وأغلقوا عليك، وأعني بـ "غارك" قبرك، وكذلك ينفعك إذا وقعت في أيّ كربة من كرب الدنيا تتوسل به إلى الله.

ومن التوسل المشروع الوارد في الكتاب والسنة التوسل بدعاء الرجل الصالح الحيّ فتختار رجلاً صالحاً معروفاً بتقوى الله وقيام الليل وصيام النوافل آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر منفقاً في سبيل الله يحب المسلمين يواسيهم ويعود مريضهم ويرحم ضعيفهم فتقول له يا شيخ ادع الله لي، كما كان الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يدعو الله لهم كما تقدم في حديث الأعرابي الذي قال: (يا رسول الله ادع الله أن يغيثنا، وحديث أم سليم قالت: يا رسول الله أنس خادمك ادع الله له، قال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) متفق عليه. وحديث المرأة السوداء التي كانت تصرع وتتكشف قالت: يا رسول الله إنّي أصرع وإنّي أتكشف فادع الله لي) الحديث. والمقصود أن هذا الدعاء "اللهم إنّي أسألك بجاه فلان" ليس شركاً لأنه دعا الله فقال: اللهم، ولم يشرك معه غيره في النداء، أما لو قال: مدد يا عيدروس أو قال: يا الله ويا عيدروس فهذا هو الشرك بعينه. وأما حديث: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد حكم عليه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/ حديث رقم ٢٢ بأنه حديث لا أصل له، وقال: قد نص ذلك شيخ الإسلام، راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١/ حديث رقم ٢٢، ٢٣، ٢٤، ٢٥. السؤال الثاني: ما معنى قول الفقهاء في متون الفقه المختصرة في باب صلاة الاستسقاء (ويباح التوسل بالصالحين)؟ الجواب: المعنى أي التوسل إلى الله بدعاء الصالحين الأحياء، فتقول للرجل الصالح الحيّ: ادع الله أن يغيثنا، ويوضح هذا كتب الفقه الموسعة والمبسوطة، قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الكافي في فقه الإمام الجليل أحمد بن حنبل: ويستحب أن يستسقي الإمام بمن ظهر صلاحه لأن عمر استسقى بالعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستسقى معاوية والضحاك بيزيد بن الأسود الجرشي، وروي أن معاوية أمر يزيد بن الأسود فصعد المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية: "اللهم إنّا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنّا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله فرفع يديه ورفع الناس أيديهم، فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس وهب لها ريح فسقوا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم" انتهى.

هذا وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

اللهم يا حيّ يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السموات والأرض يا رب العرش العظيم اللهم يا سامع الصوت ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت اللهم من أضله الشيطان في مسألة الاستغاثة بالأموات أو حمله على ذلك التعصب أو العناد اللهم فاهده إلى صراطك المستقيم ورده إليك رداً جميلاً، اللهم وحد صفوفنا واجمع كلمتنا يا رب العالمين اللهم إنا نعوذ بك من شر الخلاف والشقاق والنزاع والفشل إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. كتبه: علي بابكر. الرياض ص. ب: ٤٦١٢ الرمز البريدي ١١٤١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>