الأول: أنه لا يجزئ القول ولا يصح من دون العمل، وهذا مُصرح به من أئمة السلف، وعليه إجماعهم، وقد بسطت الكلام في هذا في الباب الثالث.
الثاني: أن الكفر يكون بالقول، والعمل، كما يكون بالاعتقاد والترك.
٣٨ - أن مقالات المرجئة المنتشرة في هذه الأزمنة، قد يخفى أمرها على بعض الناس، وقد يجمعون بينها وبين مقالات السلف، وقد أوردت منها ست عشرة مقالة.
٣٩ - أن من زل في هذا الباب، مع كراهته للإرجاء، وذمه للمرجئة، لا يقال عنه مرجئ بإطلاق، لكن يقال: وافق المرجئة في كذا، أو دخلت عليه شبهة الإرجاء.
٤٠ - أن التلازم بين الظاهر والباطن، دلت عليه أدلة من الكتاب والسنة، وهو الذي تأباه المرجئة وتنكره، ولأجل عدم إدراكه غلط غالطون، وقد جعلت الكلام عليه في فصل مستقل، مبينا مفهومه وأدلته وموقف المرجئة منه، وعلاقته بكفر الإعراض.
٤١ - أن أهل السنة مجمعون على أن الإيمان لا يجزئ ولا ينفع ولا يقبل من دون عمل الجوارح.
٤٢ - أن ترك العمل الظاهر بالكلية كفر مخرج من الملة؛ لأربعة أدلة:
الأول: أن العمل الظاهر لازم للإيمان الباطن، وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم.
الثاني: إجماع أهل السنة عل أن الإيمان قول وعمل، وأنه لا يجزئ القول من دون العمل، ومنهم من صرح بكفر تارك العمل، وقد نقلت هذا الإجماع عن أحد عشر إماما من أهل العلم.
الثالث: إجماع الصحابة على تكفير تارك الصلاة، فتارك العمل الظاهر كله من باب أولى، وقد نقلت هذا الإجماع عن اثني عشر إماما من أهل العلم.
الرابع: ما قرره جمع من أهل العلم في حقيقة كفر الإعراض، وأن منه: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، وهو راجع إلى مسألة التلازم.
٤٣ - وقد نقلت في هذه المسألة نقولا سلفية، واضحة، عن الصحابة، والتابعين، والأئمة، إلى زمننا هذا، جعلتها في فصل مستقل، بلغت نحوا من مائة وعشرين نقلا، عن خمسين عالما، وقد تبين منها أن أهل العلم المعاصرين لا يختلفون في هذه المسألة العظيمة، بحمد لله.
٤٤ - أن المخالف عدل عن إجماع أهل السنة، إلى التمسك ببعض الأدلة التي لم يحسن التعامل معها وفق منهج أهل السنة في الاستدلال، وقد أجبت على استدلاله بحديث البطاقة، والجهنميين، وحديث حذيفة في اندراس الإسلام، وحديث الرجل الذي لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد، وحديث معاذ في بعثته إلى أهل اليمن.
٤٥ - أن المخالف أكثر من إيراد الشبه العقلية، التي رام منها التشكيك فيما أجمع عليه أهل السنة من لزوم العمل لصحة الإيمان، وقد أوردت هذه الشبهات، ونقضتها واحدة تلو الأخرى، وقد بلغت ثنتي عشرة شبهة.
٤٦ - أن المخالف اعتمد على نقول عن بعض أهل العلم، فهمها على غير وجهها، وحملها على غير المراد منها، وقد تتبعت هذه النقول، وبينت ما كان منها مخالفا لما عليه أهل السنة، وما هو موافق لكن لم يفهمه المخالف على وجهه الصحيح.
هذا وإني أتوجه لإخواني الذين حادوا عن الصواب في هذه المسألة، بنصيحتين:
الأولى، لمن انشغل منهم بالتأليف والكتابة، أن يتقوا الله تعالى، وألا يوردوا في نقولهم كلاما لأهل البدع المخالفين للسنة، وأن لا يضربوا كلام أهل العلم بعضه ببعض، فللاستدلال آدابه وقواعده، التي لا تخفى عليهم.
والثانية: لعامة الطلبة، المريدين للخير، الباحثين عن الحق، أن يلزموا ركب علمائهم، وأن يأخذوا العلم على أيديهم، وأن يحذروا زلة العالم، وزيغة الحكيم، وأن يعلموا أن للمنهج السلفي حملةً، وورثةً، وأئمةً، وهداة، فيا فلاح وسعد من كان مع هؤلاء.
أسأل الله تعالى أن يبصرنا بالحق، وأن يجعلنا من أهله، والدعاة إليه.
وصلّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.