للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧ - الشرك في الربوبية بالتعطيل المطلق كان في شذاذ من الناس في العرب. وهكذا الشرك في الأسماء والصفات كان في بعض الناس، وكان الغالب فيهم من أنواع الشرك التعطيل شرك تعطيل الله عن أفعاله من الحشر، والنشر، والبعث، والقضاء والقدر، والرسل، والشرع، وغيرها من أفعال الله الخالصة.

ولم يوجد على الصحيح شرك تعطيل الله عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد.

٢٨ - الشرك في الربوبية بالأنداد وجد في العرب بصفة عامة، أما الأنداد في الذات فإنه وإن لم يوجد من يثبت لله شريكاً مساوياً له، إلا أنه وجد من أثبت آلهة متعددة.

وأما الشرك في الأسماء والصفات، وقع فيه كثير من العرب من ناحيتين: من ناحية إثبات أسماء الله وصفاته وأفعاله لغير الله، ومن ناحية إثبات أسماء المخلوقات وصفاتهم وأفعالهم لله سبحانه. أما في إثبات أسماء الله وصفاته وأفعاله، ففي الأسماء وجد من العرب من كان يسمي بالرحمن غير الله سبحانه.

وأما في الصفات فحدث عنه ولا حرج، ففي العرب من كان يثبت صفة القدرة الكاملة والعلم المحيط لكل شيء لغير الله، ومن مظاهر ذلك التطير والسحر، والتنجيم، والاستسقاء بالأنواء، والاستقسام بالأزلام، والتحكيم إلى الأصنام، والكهان، وأخذ التشريع من الرؤساء والصناديد والملأ، وغيرها، وأما في الأفعال، فقد كانت العرب تثبت حق التشريع للكهان والملأ، والصناديد، وغيرها.

٢٩ - الشرك في العبادة هو السمة الغالبة لدى العرب. فقد كانوا يشركون بالله في العبادة بعبادة أشياء حسية وأشياء غير حسية، أما الأشياء الحسية فمنها ما هي سماوية ومنها ما هو أرضية، ومن الأشياء الغير الحسية فمن مظاهره في العرب عبادة الهوى، وأما بالنسبة لأنواع العبادات التي كانوا يوجهونها إلى معبوداتهم فقد كانوا يوجهون جميع أنواع العبادات سواء كانت من الأعمال القلبية أو كانت من الأقوال القلبية.

٣٠ - أما الشرك في هذه الأمة وفي العصر الحاضر: فقد وجد في هذه الأمة وفي العصر الحاضر ألوان من الشرك في الربوبية وفي الألوهية.

٣١ - أما الشرك في الربوبية بالتعطيل: فقد وقع في التعطيل المطلق كثير من أبناء المسلمين باعتناق المبادئ الهدامة من الشيوعية والوجودية والداروينية والقومية والعلمانية.

وأما في تعطيل الصفات: فقد وقع فيه كثير من الفرق من الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة (الموجودين في العصر الحاضر)، وكثير من الشيعة والفرق الخارجة عن الإسلام من فرق الباطنية. وأما في تعطيل الأفعال: فقد وقع فيه جملة من الفرق كالباطنية بجميع فرقها ونحلها، والروحية الحديثة وبعض الصوفية وبعض العلمانيين.

وأما الشرك بتعطيل الله عمَّا يجب على العبد من حقيقة التوحيد: فقد وقع فيه كثير من المتصوفة ومن تأثر بهم من الجهلة والعوام.

٣٢ - وأما الشرك في الربوبية بالأنداد: فقد وقع في الشرك في الربوبية بالأنداد في الذات كثير من الفرق الباطنية، وكثير من الشيعة الغلاة.

وأما في الأسماء: فلم أجد من تسمى باسم الإله إلا لدى بعض الباطنية. وأما في الصفات: فهذا الشرك هو الذي لا ساحل له في العصر الحاضر، فقد وقع فيه الشيعة عموماً، ووقع فيه المتصوفة عموماً، والجهلة من الناس، والمنادون بالعلمانية والقومية والوطنية والمتأثرين بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>