١٧ - أول شرك في بني آدم هو شرك قوم نوح على القول الصحيح. وآدم عليه السلام بريء من الشرك، وكل ما نسب إليه فهو غير صحيح.
١٨ - أول شرك في بني آدم حصل بسبب الغلو في الصالحين، وبعبادة الصور والتماثيل والقبور.
١٩ - أول شرك كان في بني آدم كان في العبادة دون الربوبية.
٢٠ - الشرك في الأمم السابقة في أغلب الأوقات كان في العبادة دون الربوبية.
٢١ - وجد الشرك في الربوبية بالتعطيل في بعض الأمم السالفة، من أبرزها: شرك فرعون حيث قال بالتعطيل المطلق.
وأما تعطيل الرب عن أوصافه، وصفاته، فقد وقع فيه قوم عاد لمَّا قالوا: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً).
وهكذا يتضمنه شرك فرعون وشرك نمرود. ولكن الشرك بتعطيل الفعال فحدِّث عنه ولا حرج، فقد وقع فيه جل الأمم السابقة بإنكار البعث، والرسل، والحشر، والنشر، والشرع، وغيرها.
وأما تعطيل الصانع عما يجب على العبد من حقيقة توحيده، فقد وقع فيه فرعون على القول الصحيح، كما وقع فيه اليهود والنصارى.
٢٢ - وجد في شذوذ من الناس في الأمم السابقة: الشرك في الربوبية بإثبات الأنداد في الذات والصفات.
أما في الذات: فلعل من قال به أولاً هو نمرود بن كوش، وآخرهم فرعون ذي الأوتاد. وأما في أسماء الله عز وجل: فلم أجد من وقع فيه غير اليهود، والنصارى. وأما في الصفات: فقد وقع فيه جملة من الأمم الذين رأوا التطير والسحر واعتراء آلهتهم على أحد بالسوء، فإن هذه كلها مما تضمنته صفة القدرة الكاملة لله سبحانه. وأشهر من صرح بالشرك في الصفات قوم عاد. ووقع فيه اليهود والنصارى من جهتين، من جهة إثبات صفات الباري للآخرين، ومن جهة إثبات صفات الخلق لله جلَّ شأنه.
وأما الشرك في الأفعال: فجل الأمم كان يشرك بالله في اتخاذ الشرائع -الذي هو محض حق الله جل وعلا وفعله- من الأصنام والصناديد، والملأ، والأحبار والرهبان في اليهود والنصارى. فهؤلاء كلهم وقعوا في الشرك في الربوبية في الفعال بالأنداد.
٢٣ - شرك العبادة في الأمم السابقة كان بالمعبودات الحسية غالباً، وذلك بالأصنام والأوثان، وربما كان بالأجرام السماوية، وربما كان بالأشياء الغير حسية.
وفيما يلي بيان ذلك:
الشرك بعبادة الصور والصالحين: وكان هذا مبدأ الشرك في البشرية، وكان في قوم نوح. والشرك بالعكوف على القبور: وأيضاً كان في قوم نوح، كما كان هذا في قوم إلياس عليهما السلام.
والشرك بعبادة الأصنام: فهذا أيضاً كان في قوم نوح عليه السلام، وقوم هود عليه السلام، وقوم صالح عليه السلام، ولدى بعض قوم إبراهيم عليه السلام، وفي قوم يوسف عليه السلام، وقوم شعيب عليه السلام، وقوم إلياس عليه السلام، وقوم موسى عليه السلام بعد موته.
والشرك بعبادة الكواكب: كان في قوم إبراهيم عليه السلام. والشرك بعبادة الهوى، وكان ذلك في قوم لوط عليه السلام، والشرك بعبادة الرؤساء والحيوانات: مثل ما وقع في موسى عليه السلام في حياته وبعد مماته، وما حكى الله عز وجل عن الملأ في جميع الأمم. والشرك بعبادة الأحبار والرهبان: ومظاهره في قوم موسى عليه السلام، وقوم عيسى عليه السلام، والشرك بعبادة عزير، وفي قوم عيسى بعبادة المسيح عليه السلام.
٢٤ - أما بالنسبة للشرك في العرب، فالصحيح الذي لا مرية فيه أن العرب كانوا على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. ثم حدث فيهم الشرك.
٢٥ - عن أول شرك في العرب كان – على القول الصحيح – بيد عمرو بن لحي، وهو الذي سن عبادة الأصنام للعرب، ونصب الأوثان في أماكن كثيرة، وأمر الناس بعبادتهم.
٢٦ - وجد في العرب أنواع من الشرك في الربوبية والألوهية.