للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل الختام فقد قمت بجمع لبعض النقول عن حقيقة قول الأشاعرة في علاقة العمل بالإيمان من كتبهم وهي كالتتمة يتبين بها أن من قال جنس عمل الجوارح شرط كمال قد وافق الأشاعرة في ذلك، يقول صاحب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني أحمد بن غنيم النفزاوي الأشعري المتوفى ١١٢٥هـ: (وواضعه - أي علم التوحيد عندهم - أبو الحسن الأشعري وإليه تنسب أهل السنة حتى لقبوا بالأشاعرة، من ذلك المذكور من واجب أمور الديانات الإيمان أي التصديق بالقلب المعبر عنه بالفؤاد والنطق باللسان ومعمول الإيمان والنطق على طريق التنازع أن الله إله واحد لا إله غيره تأكيد لما قبله وفي كلامه حذف تقديره وأن محمداً رسول الله لأن الإيمان لا يوجد إلا إذا حصل التصديق بمجموع الأمرين وإنما حذف تلك الجملة هنا لأنه يشير لها عند قوله فيما يأتي، ثم ختم الرسالة الخ وكلام المصنف هنا كالصريح في أن الإيمان مركب من التصديق بالقلب والنطق باللسان ويعين هذا قوله الآتي وأن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وأما العمل بالجوارح فشرط في كماله كما يأتي في قوله ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل وقدمنا قبل الباب عند قوله فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين وبقلوبهم مخلصين وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين أن هذا مذهب السلف وهو موافق لقول المصنف هنا من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان أن الله إله واحد لا إله غيره وسكت عن الأعمال إشارة إلى أنها غير ركن منه وإنما هي شرط كمال كما سيصرح به فيما يأتي بقوله ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل ولا يشكل على هذا قوله آخر الباب وإن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح الموهم أنه مركب من ثلاثة ونسب لجمهور المحدثين والمتكلمين والفقهاء منهم ابن حبيب وللمعتزلة لإمكان حمل الأعمال فيه على وجه الكمال لا أنها ركن منه بدليل تصريحه بقوله ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل للقاعدة من رد المحتمل لغيره فيصير كلامه في المواضع الثلاثة على قول واحد وأما المعتزلة ومن وافقهم فيجعلون الأعمال ركناً حقيقياً للإيمان كما نبه على ذلك شيخ شيوخنا اللقاني حيث قال الأعمال عند السلف شرط لكمال الإيمان وعند المعتزلة ركن فيه هذا هو الذي ينبغي فهم كلام المصنف عليه لا ما يوهمه كلام التحقيق من نسبة الآتي للمعتزلة والمحدثين لأن الأماكن المتخالفة إذا أمكن ردها لشيء واحد يصار إليه ولا سيما عند ما يعين ذلك كما هنا فإن قوله ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل شاهد صدق فيما قلنا والذي عليه جمهور الأشاعرة والماتريدية عدم تركبه وإنما هو عبارة عن التصديق القلبي بكل ما علم مجيء الرسول به واشتهر بين أهل الإسلام وصار العلم به يشابه العلم الحاصل بالضرورة بحيث يعلمه العامة من غير توقف على نظر واستدلال وإن كان أصله نظرياً كوحدة الصانع ووجوب الصلاة والمراد من تصديقه عليه السلام قبول ما جاء به مع الرضا بترك التكبر والعناد والامتثال لبناء الأعمال عليه لا مجرد نسبة الصدق إليه من غير إذعان حتى يلزم عليه إيمان كثير من الكفار الذين كانوا يعملون بحقيقة نبوته ولكن لم يذعنوا لذلك كأبي طالب ومن شابهه وأما النطق باللسان فالمشهور فيه عندهم أنه شرط لإجراء أحكام الدنيا في حق القادر عليه ومقابل المشهور يجعله شرطاً في صحة الإيمان أو شطراً منه واقتصر صاحب الجوهرة على مذهبهم حيث قال:

وفسر الإيمان بالتصديق ... والنطق فيه الخلف بالتحقيق

<<  <  ج: ص:  >  >>