ذلك أن الله تعالى لم يخلق البشرية عبثاً ولم يتركها هملاً، ومتى نظرت البشرية إلى الإسلام نظرة صادقة مخلصة فستجد فيه راحتها وسعادتها، ومع هذا فإني – كما قلت آنفاً- مقتنع بأن الإجابة على هذا السؤال عملية أكثر منها نظرية وذلك: أن البشرية تتطلع إلى المنقذ بصورة عملية واقعية حية تعيش في واقع الحياة وتبرز من خلال السلوك البشري والجهد الإنساني ذاته فهي لا تريد عرض مبادئ وأفكار نظرية، فلقد تشعبت عليها المبادئ والنظريات والأفكار.
وهي لا تريد فلسفات معقدة فكم أتعبتها الفلسفات.
وهي لا تريد حلولاً مثالية خيالية فكم تمنت وحلمت وعادت بالخيبة والخسران.
صحيح أن البشرية تعاني من القلق والشقاء والحيرة والتهديد بالحروب العالمية القاضية، وصحيح أن الإسلام هو المنقذ الوحيد لها من ذلك، لكنها – مع الأسف – ترى العالم الإسلامي يعيش كما تعيش هي، ويعاني مما تعاني هي، فلسان حالها يقول: فأين الإسلام!!!
إذاً ... فالإسلام يحتاج إلى رجال – بكل ما للكلمة من معنى – أكثر مما يحتاج إلى المؤتمرات، والقرارات، والمؤلفات، والخطب و .... و ....
والإسلام الآن – ومن ثم العالم الإسلامي – لا يرجع إليه عزه ومجده إلاَّ برجال، وتضحيات غالبة، وجيل يحمله، ومجتمع يقيمه، ودولة تحميه وتجاهد في سبيله، ولا تتاجر به.
نعم ... !!
إن الإسلام ليس مجرد نظريات محتملة للخطأ والصواب.
وليس مجرد حلول مثالية غير قابلة للتطبيق الواقعي.
وليس مجرد نظم واجتهادات بشرية تدخلها الأهواء والضعف الإنساني.
وليس مجرد عبادات وطقوس تقام في المساجد والمناسبات الدينية.
بل إنه دين الله ... هو عبادة وصلاة، إيمان وعمل، عقيدة وشريعة وهو تجربة تاريخية واقعية ثابتة سامقة.
وهو: حلول وإصلاح وبناء، وعمل، وتعمير، وجهاد، متواصل، يقوم بجهد الإنسان المؤمن.
وهو: نظم وتشريعات إلهية تستمد من الوحي الذي لا يأتيه الباطل.
وهو: منهج للحياة من كل جوانبه، دين ودولة، عبادة وقيادة، محراب ومصنع، علم وعمل، جهاد وسلم، وكل ما تنشده البشرية من خير وبناء وسعادة.
وعودة البشرية إلى الإسلام – بعد هذا العناء الطويل – ضرورة حتمية فهي لابد تعي هذه الحقيقة, فقد بدأت تظهر بوادر هذه العودة سواء أدرك الناس هذه الحقيقة أم لم يدركوها .. إنما لا يستطيع أحد أن يقول: أين ومتى وكيف؟ لأن ذلك غيب علمه عند الله وحده.
أسأل الله سبحانه وتعالى – أن يتقبل مني هذا الجهد الضعيف، وأن يأخذ بأيدي المسلمين جميعاً إلى سبيل مرضاته، وأن ينقذهم مما هم فيه إنه على كل شيء قدير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.