- الكفر الذي ينفيه العلماء عن المعين من المشركين حتى تقام عليه حجة البلاغ: هو الكفر المعذب عليه، وأصحابه ليسوا بمسلمين لنقضهم أصل الدين -، ولأن الشرك الأكبر لا يجتمع مع الإٍسلام البتة - ويجري عليهم أحكام الكفر في الدنيا – من التوارث والولاية والمناكحة .. إلا (العقوبة) – دون أحكام الكفر في الآخرة.
وفي ختام هذه الرسالة: أتوجه بالحمد والشكر لله المنعم المتعال الذي منّ علي بجمعها. وأسأله سبحانه أن يجعلها لي ولأهلي ولذريتي ذخراً طيباً في الدنيا وعتقاً من النيران في الآخرة: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ {٨٨} إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨، ٨٩].
وأسأله سبحانه أن يجمع قلوب المسلمين على الحق المبين والثبات على الصراط المستقيم.
وإني لا أحل لأي واحد من الإخوة تابع ما في هذه الرسالة من أحكام ونتائج أن يستطيل على إخوانه المخالفين ويعقد بها المناظرات والمجادلات والخصومات .. التي لا تأتي إلا بتنافر القلوب، ووهن الرباط الأخوي بين المؤمنين، وضعف شوكة المسلمين فإني لم أضع الرسالة لهذا أبداً.
بل يعلم الله أني ما أردت بتأليفها إلا أن تكون سبباً وعوناً على ضبط المفاهيم والأحكام حتى تقف الحركة الإسلامية على أرض صلبة لا على أرض رخوة هشة.
وحتى تستطيع أن تحدد البدايات الأولية الصحيحة لإقامة وعود هذا الدين والقضاء على الطواغيت والملحدين وأعوانهم من الذين يتسترون بالدين للدنيا.
وكذلك دعوة الناس إلى التوحيد الصافي من دخن الشرك للفوز بالنجاة الحقيقية في الدنيا والآخرة – لا النجاة المزيفة والأماني والغرور -.
وكذلك نصرة دعاة التوحيد بالأدلة والبينات لدحضد ما يواجهونه من الشبه الزائفة.
وكذلك بيان المعركة الحقيقية بين أهل التوحيد وأهل الشرك حتى تستجمع الحركة الإسلامية قواها لخوض غمارها ولا تنشغل بمعارك وهمية غير حقيقية عن المعركة الفاصلة وكذلك بيان المحكمات والمتشابهات من المسائل والدلائل لفصل خيوط الاشتباه في حكم ناقض التوحيد بجهل وتأويل.
وكذلك أردت بيان وفضح جرثومة الإرجاء التي أسلمت الأمة فريسة سهلة لأعدائها – من خلال بوابات الطواغيت والزنادقة والعالمانيين – تلعب بها كيفما تشاء. وواقعنا المعاصر بما يحمل في طياته من مؤامرات ومكائد عالمية ودولية لهدم صرح الإسلام وتمييع أهلهل خير شاهد ودليل على ما أقول.
وبعد:
فهل من نهاية لتمزيق الصفوف وتنافر القلوب إلى عقد الأخوة الإيمانية القائمة على أصول أهل السنة. المستبصرة بنور الله تعالى. السائرة على نهج سلفها الصالح متحلية: باستعلاء الإيمان وثقة بنصر رب العالمين وبصبر على طول الطريق، وعزيمة على مواجهة الصعاب وبصيرة وتقوى للنجاة من الشبهات والشهوات غير منحرفة عن هذا النهج قيد أنملة حتى تقيم هذا الدين، وتخرجه من الغربة الثانية إلى السيادة والظهور والعلو والهيمنة، وتخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب البرية، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الشرك والكفران إلى عدل التوحيد والإيمان.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحيينا ويميتنا ويبعثنا جميعاً على هذا فهو سبحانه – وحده لا شريك له – ولي هذا والقادر عليه.
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وآخر دعواي (أن الحمد لله رب العالمين).
فرغت منه – بفضل الله تعالى وعونه في يوم الثلاثاء ٢٣ من شهر جمادى الأول لعام ١٤١٣هـ بالرياض.