١٣ - اليهود والنصارى كان فيهم فرقة ناجية، كما أن هذه الأمة فيها فرقة ناجية.
١٤ - المعنى بـ (الأمة) في حديث الافتراق هو أمة الإجابة، على ذلك اتفق علماء الإسلام وأئمته.
١٥ - الأصل أن الافتراق في هذه الأمة المحمدية شامل لجميع عصورها، لكن دلت الأدلة على أنه يستثنى من ذلك زمنان:
الأول: زمن حياته صلى الله عليه وسلم.
الثاني: زمن نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان - بعد انتصار المسلمين على الدجال، وهلاك يأجوج ومأجوج، وعدم بقاء دين إلا الإسلام - حتى وفاة عيسى ووفاة جميع أهل الإسلام.
١٦ - أول افتراق في الأمة المحمدية وقع في آخر عصر الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم بخروج فرقة الخوارج عن جماعة المسلمين في خلافة علي رضي الله عنه.
١٧ - للحكم على طائفة ما بأنها من الفرق الاثنتين والسبعين لابد من مراعاة ضوابط معينة، وهذا في غير ما نص عليه أئمة أهل السنة والجماعة من أنه من الفرق الاثنتين والسبعين، فإن ما نصوا على أنه من الفرق الاثنتين والسبعين يسلم لهم فيه؛ فهم شهداء الله في الأرض.
١٨ - الموقف الصحيح من حكم النبي صلى الله عليه وسلم على الفرق الاثنتين والسبعين بأنها في النار يتمثل في أمرين:
الأول: أن الفرق الاثنتين والسبعين – في الجملة – لا يزالون من أهل الإسلام، ولم يخرجوا منه إلى الكفر:
• فمن كان مندسّاً فيهم من أهل النفاق والزندقة أو أخرجته بدعته إلى الكفر فهؤلاء – في الحقيقة – ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة إلا ظاهراً؛ لأنهم ليسوا من الأمة المحمدية.
• ومن كان من أهل البدع ولم تخرجه بدعته إلى الكفر: فيعامل بما يعامل به مبتدعة المسلمين.
الثاني: أن هذا النص لا يقتضي الحكم على تلك الفرق جميعاً بالخلود في النار، وإنما يتعامل معه كما يتعامل مع غيره من نصوص الوعيد:
• فلا تجوز الشهادة على معين من الفرق أو المنتسبين إليها – فضلاً عن الفرق الثنتين والسبعين كلها – بالنار.
• وأهل تلك الفرق – في الآخرة – تحت مشيئة الله؛ فمن شاء عفا عنه وأدخله الجنة، ومن شاء عذبه وأدخله النار ثم أخرجه منها إلى الجنة.
١٩ - الموقف الصحيح إزاء الافتراق هو:
أولاً: الإيمان الجازم بأن ما دلت عليه الأدلة من وقوع الافتراق كائن لا محالة؛ مع اشتمال ذلك الإيمان على ثلاثة أمور:
أ- الرضا بالافتراق من حيث هو فعل لله سبحانه؛ فإن الله يفعل في ملكه ما يشاء، وهو اللطيف الخبير، العليم الحكيم.
ب- عدم الرضى به من حيث هو فعل للعبد، بل يجب النهي عنه، والاجتهاد في دفعه.
ج- عدم الاغتمام بكثرة أهل الضلال وقلة السالكين طريق الحق، والوحشة وضيق الصدر من ذلك، وربما ممالأة أهل الباطل ومداهنتهم؛ بل يجب الثبات على الحق، وتوطين النفس على الصبر والتوكل، وحمد الله على سلوك الصراط المستقيم.
ثانياً: الحرص على معرفة منهج الفرقة الناجية، والتمسك به.
ثالثاً: مفارقة المذاهب الباطلة والمناهج المخترعة والفرق المبتدعة، والحذر الشديد من مخالطتها وتكثير سوادها والتأثر فأفكارها وبِدَعها، والتحذير منها بذكر بدعها وأوصافها؛ بل بذكر أعيانها – إن اقتضى الأمر -، وهذا – في حقيقته – دعوة إلى الاجتماع لا إلى الفرقة؛ لأنه عودة بالناس إلى الجماعة الأولى التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
رابعاً: بذل الجهد واستفراغ الوسع في دعوة الناس إلى نبذ الفرقة والاختلاف، وإلى الاجتماع والائتلاف؛ على أن يكون ذلك وفق ما بيَّنه الله ورسوله من القواعد والضوابط؛ فليس كل اجتماع يكون محموداً أو مطلوباً، وليس كل افتراق يكون مذموماً أو مكروهاً.
٢٠ - دل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق: (إلا واحدة) على أن الحق واحد لا يتعدد.