ومن قال: بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات، سواء جعل فعل تلك الواجبات لازماً له، أو جزءاً منه، فهذا نزاع لفظي، كان مخطئاً بيناً، وهذه بدعة الإرجاء، التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها، وقالوا فيها من المقالات الغليظة ما هو معروف، والصلاة هي أعظمها وأعمها وأولها وأجلها) ا. هـ.
ج- من لم تلفظ بالشهادتين فليس بمسلم، إذ يحكم بكفره ويتعامل معه معاملة الكفار.
د- هناك من الأعمال ما يخرج صاحبها من الملة ومنها ما لا يخرجه منها:
١ - إذا كان العمل يضاد الإيمان فصاحبه كافر، كأن يصرح بالفكر، أو يسب الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم أو يهين المصحف أو يسجد لصنم. والضباط في العمل المضاد للإيمان المخرج من الملة أنه لا يختلف عليه عاقلان أنه مضاد للإيمان، كما قال الإمام أحمد: لا يختلف عليه. وكما قال ابن عبدالبر في التمهيد (١٧/ ٢١): (ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر، أو سنة ثابتة لا معارض لها) ا. هـ.
٢ - عمل لا يضاد الإيمان، فلا يخرج صاحبه من الملة، كقتال المسلم، وإتيان الحائض، والانتساب إلى غير الأب والطعن في الأنساب.
هـ- إذا تلفظ العبد بالشهادتين فيسمى مسلماً ولا يجوز تكفيره إلا إذا:
١ - قام بعمل مضاد للإيمان معلوم من الدين بالضرورة على كفره فالأصل أنه كافر.
٢ - لم يثبت عند العقلاء أنه صدر عنه بإكراه، أو غضب مغلق، أو عن جهل أو غيرها من الأعذار الشرعية التي يرتفع عندها التكليف. لذا يحكم العلماء والقضاة بالردة دون العامة لئلا تعم الفوضى، فإذا قام بعمل مضاد للإيمان فيحكم بكفره ما لم يتوفر فيه أحد الأعذار الشرعية المذكورة أعلاه.
قال شيخ الإسلام (٧/ ٥٥٧): (معنا أمران معلومان: أحدهما: معلوم بالاضطرار من الدين. الثاني: معلوم بالاضطرار من أنفسنا عند التأمل. أما الأول: فإننا نعلم أن من سب الله ورسوله طوعاً بغير كره، بل من تكلم بكلمات الكفر طائعاً غير مكره، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطناً وظاهراً) ا. هـ.
والظن بكفر عبد ما لا يستوجب عملاً بمقتضاه ولا يقتضي تكفيره: إذا ظن المسلم بآخر أنه كافر، فإنه لا يحق له أن يتعامل معه بمقتضى ظنه، إذ لا يجوز إخراج المسلم من الإسلام بالظن الغالب وإنما يخرجه باليقين، ولا عبرة بظنه الغالب، وإن استخدم الحذر فلا بأس بذلك. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد عندما قتل رجلاً:(أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح. قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ)) ا. هـ. لذا إذا قال بعض العلماء عن قيام رجل بفعل ما (ما أظنه إلا أن يكون صادراً عن كفر قلبي) فلا يعتبر ذلك حكماً بالكفر عليه، ولا قيام جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالكفر والردة عليه فما هو إلا ظن كظن أسامة. ويقوي ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما غلب على ظنه نفاق حاطب بن أبي بلتعة المؤمن عندما شعر أنه خان النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك صادر عن كفر قلبي فقال صلى الله عليه وسلم:(وما يدريك يا عمر؟ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). وكذلك مما يدل على خطأ الظن الغالب في الحكم بالكفر وعدم التعويل عليه ما حكم به أسيد بن حضير على سيد الخزرج سعد بن عبادة المؤمن. فقال له (إنك منافق تدافع عن المنافقين). حينما انتصر سعد بن عبادة لعبدالله بن أبي سلول المنافق في حادثة الإفك ودافع عنه فظن أسيد أن ذلك لا يصدر إلا عن نفاق قلبي بسعد