وليس بخفي – بعد – أن مسالة (التكفير) من أخطر المسائل وأشدها على الفرد والمجتمع والأمة، ومن أفسدها على الحاكم والمحكوم – سواء -. وبسبب "كثرة ما وقع في هذه القضية من الأكاذيب المفتراة، والأغاليط المظنونة، والأهواء الفاسدة" كتبت، وألححت ... لا مجادلة عن ضلال طاغوت ... أو دفاعا عن فعائل ذي جبروت ... أو تسويغا لصنيع من حاد الله – سبحانه – في الحكم والملكوت ... فليتق الله – تعالى – كل ناظر فيه، من قبل أن تتبدى له مكنوناته وخوافيه ... {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}، واطمئنان يقين ... {وتوكل على الله إنك على الحق المبين}. وأقول – على تحرز وتحرج – ما قاله النبي الصالح الأمين:{ ... يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} ... إلا من رحم رب العالمين .. "فدونك – أيها الفاضل اللوذعي، الفطن الألمعي؛ الناظر في هذا الكتاب – ما أودعته من لطائف الآداب، وأدرجته من زبد الحكم واللباب. ولا يحملك الحسد الذي جبل عليه الأقران، من إنكار ما تجد لغيرك من المزايا الحسان، ولا يستميلك استصغار مؤلفه إلى نبذ فرائده، والاستسهال بعظم فوائده، فإن لك غنمها، وعلى غيرك غرمها.
ومع ذلك؛ فلا أدعى رتبة الكمال، ففوق كل ذي علم عليم، ولا أزعم النزاهة عن النقص والعيب، فالمنزه عن كل عيب هو الله الملك القدوس العزيز العليم. ولقد قيل: لا يغير ذو كمال من نقص، ولا يخلو ذو نقص من كمال؛ فلا يمنعك نقص الكامل من استفادة كماله، ولا يرغبك كمال الناقص في الميل إلى نقصه. فالأليق بالفاضل إذا عثر بشيء مما كبا فيه المؤلف وعثر، أن يستر الزلل ويقيل العثار، ويسد الخلل والعوار، فالكريم غفار، والحليم ستار".
"ومن ضنائن العلم الرجوع إلى الحق"، ورحمة الخلق .. {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد}. {قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس} ... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه أبو الحارث الحلبي الأثري – حامدا لله تعالى، ومصليا على نبيه صلى الله عليه وسلم – الزرقاء – الأردن – بين عصري يوم الأربعاء لعشر مضين من شهر ذي القعدة سنة ١٤١٧هـ