١٠ - أن أهل السنة قد تفننوا في مؤلفاتهم ونوعوها؛ فمنها المطول ومنها المختصر ومنها ما يختص بمسائل معينة ومنها ما يكون بعرض مجمل المسائل، وهكذا، كما تعددت أساليبهم حتى نظم بعضهم العقائد بالقصائد، وهذا – بحق – يدل على رغبتهم في نشر العقيدة السلفية، والمحاولة الجادة في إثراء هذا المجال – أعني مجال التدوين في علم العقيدة – بكل وسيلة ممكنة، كما أن لهم في ذلك وصايا ومجالس وإملاءات وأشياء أخرى كثيرة.
١١ - أن التأليف عند أهل السنة في علم العقيدة لم يقتصر على عرض العقيدة الإسلامية الصحيحة؛ بل كثرت مؤلفاتهم في الرد على المخالفين ودعوتهم إلى الحق وجمع الكلمة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف.
هذا ما حضرني في هذه الساعة من ثمرات هذا البحث المبارك وأبرز نتائجه.
وهنا مقترحات باتت عالقة في الذهن منذ أن شرعت بإعداد هذا الكتاب فهي باختصار:
١ - العمل على إخراج كتب السلف بتحقيقها والعناية بها، والوقوف في وجه الدعاوى المضللة الفجة التي تتردد على ألسنة بعض الجهلة كدعوة أحدهم إلى نبذ المؤلفات القديمة التي عفى عليها الزمن! وأن فائدتها محدودة في هذا الزمن.
٢ - يجب أن تكون العناية بكتب السلف تتسم بالتوازن في التخريج والتحقيق والتعليق وما إلى ذلك.
وإن المرء ليحزن من واقع بعض العاملين في تحقيق الموروث السلفي كيف أنهم يهدرون كثيراً من الوقت والجهد في تخريج الأحاديث وعزو الأقوال وبيان فوارق النسخ ونحو هذا ويغفلون عن التعليق على بعض المسائل المهمة مما يزيد من القيمة العلمية للكتاب. وما أكثر التكرار في تحقيقات (المحققين)! وما أكثر ما ينقل بعضهم عن بعض! وكثير من الحشو في تلك الأعمال قد جره المنهج الغربي الحديث.
٣ - إنه ينبغي من طلاب العلم لاسيما المتخصصين منهم في العقيدة أن يعملوا على تقريب كتب السلف للباحثين على اختلاف درجاتهم؛ بل ولعامة الناس أيضاً، وأن يحذروا من كل ما يسبب وجود الفجوة بين القارئ والكتاب.
٤ - العمل على اختصار بعض الكتب المطولة التي تبلغ مع حواشي التحقيق مجلدات عديدة! فإن الاختصار المبني على قواعد صحيحة ومنهج سليم يسهل الانتفاع بتلك الكتب، وإني هنا أؤكد على حفظ أصلها والإبقاء عليه، فيكون للكتاب نسختان نسخة مطولة تبقي الكتاب على أصله ونسخة مختصرة يسهل تداولها بين الناس.
٥ - على المعتنين بالكتب العقدية للمتقدمين أن يتأكدوا من سلامة تلك الكتب في منهجها، ويعرضوا عن تلك المصنفات التي تظل الناس وتبعث فيهم الشكوك والشبهات، وعلى كل باحث أن يراقب الله في ذلك.
٦ - أن يحتسب من قدم خدمة لكتاب من كتب علماء أهل السنة المتقدمين إما بإرشاد الباحثين إليه أو بالعمل على تحقيقه وإظهاره للناس ونشره بينهم، ويعلم أن في هذا بعثاً لصدقة جارية تعود على صاحبها بالأجر العظيم، والباعث لها مشارك للأجر؛ إذ الدال على الخير كفاعله.