للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - علم الكلام هو أشهر الأسماء التي تطلقها الفرق على علم التوحيد، واختلف في سبب هذه التسمية على أقوال متعددة، ويرى أهل السنة أنها تسمية مبتدعة، وإن استعملها بعضهم فهذا فيه نوع مسامحة، وهو خلاف الصحيح والمعتمد عندهم. ١٤ - الفلسفة إعمال للعقل في الإلهيات وسائر الغيبيات بلا أي منطلقات سابقة من دين أو وحي، ولذلك فقد ضل من سمي بفلاسفة المسلمين فأنكروا البعث والمعاد، وقالوا بقدم العالم، وجاءوا بالكفريات، ولذلك تعد تسمية علم التوحيد بالفلسفة تسمية للإيمان بضده.

١٥ - موضوع علم التوحيد هو الإلهيات أو البحث في ذات الله من حيث ما يتصف به، وما يتنزه عنه، وحقه على عباده، والنبوات أو البحث في ذوات الأنبياء من حيث ما يلزمهم وما يجوز في حقهم وما يستحيل، وما يجب لهم على أتباعهم، وقضايا الغيب واليوم الآخر من حيث اعتقادها والتصديق بها، وبيان نواقض التوحيد وقوادحه.

١٦ - تعلم علم التوحيد منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية، ففرض العين منه هو ما تصح به عقيدة المسلم في ربه، وأما فرض الكفاية فما زاد على ذلك من التفصيل والتدليل والتعليل، وتحصيل القدرة على رد الشبهات، وإلزام المعاندين وإفحام المخالفين.

١٧ - يشترط للتكليف بالتوحيد: العقل ويقصد به الوصف الذي يتميز به الإنسان عن سائر الحيوان، والبلوغ ويقصد به انتهاء حد الصغر، وسلامة إحدى حاستي السمع أو البصر، وبلوغ الدعوة وقيام الحجة؛ فلا حساب ولا عذاب إلا بعد قيام الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب وبلوغ العلم.

١٨ - الناس بحسب بلوغ الدعوة وقيام الحجة ينقسمون إلى: أهل القبلة وهم الذين بلغتهم الدعوة فآمنوا وشهدوا بالتوحيد وماتوا على ذلك، وأهل الفترة وهم كل من لم تبلغه دعوة الرسل، ولم تقم عليه الحجة، أو عاشوا بين موت رسول وبعثة رسول آخر، ولم تبلغهم دعوة الأول، والكفار وهم كل من سمع بدين الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا.

١٩ - عمل التوحيد قد حاز الشرف الكامل دون سائر العلوم؛ لأنه متعلق بأشرف ذات وأكمل موصوف وهو الله عز وجل، ولأن معلومه هو مراد الله الشرعي الدال عليه وحيه وكلامه، ولأن الحاجة إليه عظيمة، فقد طلبه الله وأمر به كل مكلف وأنثى عليه أهله على لسان جميع الرسل، فسعادة البشرية في الدنيا والآخرة متوقفة عليه.

٢٠ - يستمد علم التوحيد من الكتاب والسنة، وإنما يتم ذلك بمعرفة مناهج الاستنباط وطرائق الاستدلال واستخراج الأحكام عند أهل السنة والجماعة، وأما أنواع أدلته المرضية فهي: صحائح المنقول، والإجماع المتلقى بالقبول، والعقل السليم، والفطرة السوية.

٢١ - علم التوحيد فن مستقبل بذاته قائم بنفسه، له أصوله ومصادره، ومناهجه ومسائله، ولا يغني عنه غيره، وهو كالأساس لعلوم الإسلام الأخرى.

٢٢ - مر علم التوحيد في وضعه وتدوينه بطورين:

طور الرواية في عهد الرعيل الأول من الصحابة إذ كانوا يتلقون الوحيين عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم طور التدوين الذي بدأ في حياة التابعين بكتابة السنة، ثم جاء دور التصنيف في زمن تابع التابعين فكان كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة هو أول مدون في العقدية، ثم تتابع التأليف بعد أبي حنيفة.

٢٣ - ثمرة علم التوحيد في الدنيا هي السعادة والحياة الطيبة المطمئنة، والعيش في عزة وشرف وكرامة، وزيادة القوة العلمية والعملية للمؤمن الموحد، أما في الآخرة فامتناع الخلود في النار لمن ظلم نفسه، ودخول الجنة ابتداء للمقتصد، والفوز بالدرجات العلى لمن سبق بالخيرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>