أما على قراءة الوصل فالتأويل بمعنى التفسير الذي يعلمه الراسخون في العلم وهو معاني الألفاظ في اللغة.
وليس التأويل على القراءتين هو اصطلاح المتكلمين الذي أراد المفوضة نفيه.
٩ - براءة السلف من وصمة التفويض، وأن ما يحتج به المفوضة من عبارات السلف حجة عليهم لا لهم. والمنقول عن السلف في الإثبات المجمل والمفصل متنوع، صريح صحيح لا حصر له.
١٠ - التفويض الذي يقره السلف نوعان:
أ – تفويض الكيفية.
ب – التفويض الخاص في نص معين من شخصٍ معين في زمن معين.
١١ - فقدان مذهب التفويض لمزية (السلامة) المزعومة وأنه إلى الخطر والهلكة أقرب لما يتضمنه من الحيرة والجهل. والسلامة تحصل حقاً بمنهج الإثبات مع التنزيه – مذهب السلف – المتضمن للعلم والحكمة.
١٢ - العقل غير محجور عن النظر في باب أسماء الله وصفاته، بل هو أداة للفهم والتدبر لمعانيها، والتفكر في آثارها ومقتضياتها، ونصب الأدلة العقلية الصحيحة على إثباتها وإبطال الأقيسة العقلية الخاطئة.
١٣ - يلزم على مذهب التفويض لوازم باطلة لا محيد عنها، من القدح في حكمة الرب تبارك وتعالى، والوقوع في تعطيل دلالة النصوص، وسد باب التدبر والتفكر، والطعن في بيان القرآن، وتجهيل الأنبياء والسابقين الأولين من الصحابة والتابعين وسلف الأمة ومخالفة طريقهم. وفساد اللازم دليل على فساد الملزوم.
١٤ - مذهب التفويض مصادم للأدلة السمعية القاضية بوجوب التدبر والتعقل الواصفة للنصوص بالبيان والتيسير، والذامة لمن لا يفهم وكان حظه مجرد السماع.
١٥ - مذهب التفويض مصادم للأدلة العقلية القاضية باستحالة إهمال النبي صلى الله عليه وسلم تعليم أمته أسماء الله وصفاته، والمانعة لتأخير البيان عن وقت الحاجة، كما أن مذهب التفويض متناقض. والتناقض دليل الفساد.
١٦ - أثر الاتجاه التفويضي بصورة مباشرة أو غير مباشرة على انحسار مذهب السلف، لنسبته إليه، وتهوين قيمة النص الشرعي في النفوس مما حفز أهل التحريف على طرح آرائهم، وقد امتد هذا التأثير إلى أسلوب التربية في الدعوة الإسلامية المعاصرة.
ومن التوصيات المهمة لمعالجة هذا الانحراف ما يلي:
١ - التوعية العامة لجمهور المسلمين في تحقيق الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته، وعرض العقيدة السلفية عرضاً واضحاً بعيداً عن التعقيدات الكلامية.
٢ - تصنيف الكتب والرسائل في هذه القضية، وبيان وجه الحق فيها.
٣ - التواصل بين الجامعات ذات الخط السلفي، والجامعات والمؤسسات العلمية الأخرى على مستوى الكليات والأقسام المختصة بالعقيدة بغية توضيح هذا الجانب وتصحيحه عبر الزيارات المتبادلة واللقاءات العلمية والتبادل الثقافي.
٤ - الحرص على إخراج تراث السلف وآثارهم، وتحقيقه ونشره، لأن ذلك من أقوى الأسباب الداعية إلى فهم العقيدة، وقطع الطريق على المبلسين.
هذا والله المسؤول أن يصلح آخر هذه الأمة كما أصلح أولها، وأن يهب لنا من لدنه رحمة، وأن يهب لنا من لدنه رشداً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورنبيه محمد وآله وصحبه أجمعين.