للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوار، يؤذى فيصبر ويحتمل الأذى من الجار، ولقد أخبرني بعض جيرانه ممن بينه وبينه حائط قال: كان لي برج فيه حمام، وكان يشرف على أبي عبد الله، فكنت أصعد وأنا غلام أشرف عليه، فمكث على ذلك صابرًا لا ينهاني، فبينا أنا يومًا إذ صعد عمّي فنظر إلى البرج مشرفًا على أبي عبد الله، فقال: ويحك! أما تستحي أن تؤذِي أبا عبد اللَّه؟! قلت له: فإنه لم يقل لي شيئًا، قال: فلست أبرح حتى تهب لي هذِه الطيور، فما برح حتى وهبتها له فذبحها وهدم البرج" (١).

قال حنبل (٢): "صليت بأبي عبد الله العصر، فصلى معنا رجل يقال له: محمد بن سعيد الخُتَّلِيّ (٣)، وكان يعرفه بالسنة، فقعد أبو عبد الله بعد الصلاة، وبقيت أنا وهو والخُتَّلِيّ في المسجد ما معنا رابع، فقال لأبي عبد الله: نهيتَ عن زيد بن خَلَف (٤) أن لا يُكَلَّم!

قال: كتب إليَّ أهل الثغر يسألوني عن أمره، فكتبت إليهم، فأخبرتهم بمذهبه وما أحدث، وأمرتهم أن لا يجالسوه، فاندفع الخُتَّلِيّ على أبي عبد الله، فقال: والله، لأردنك إلى محبسك، ولأدقَّن أضلاعك … في كلام كثير.

فقال لي أبو عبد الله: لا تكلِّمه ولا تجبه.

وأخذ أبو عبد الله نعليه، وقام فدخل، وقال: مُرِ السكان أن لا يكلِّموه ولا يردّوا عليه.


(١) مناقب الإمام أحمد (٢٩٨).
(٢) الإمام، الحافظ، المحدث، الصدوق، المصنف حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد أبو علي الشيباني، وهو ابن عم أحمد بن محمد بن حنبل، وكان ثقة ثبتًا، توفي رحمه الله سنة (٢٧٣ هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (٩/ ٢١٧)، طبقات الحنابلة (١/ ١٤٣)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٥١).
(٣) لم أعثر له على ترجمة.
(٤) لم أعثر له على ترجمة.

<<  <   >  >>