للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حمد بن معمر (١)، فتلقاه بالإجلال والاحترام، فعرض عليه الشيخ دعوته، وبين له التوحيد، ورغبه فيه، فاتبعه وناصره، وألزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره.

وكان في العيينة وما حولها كثير من القباب والمساجد والمشاهد المبنية على قبور الصحابة، وكثير من الأشجار التي يقدِّسونها ويتبركون بها.

فأمر الشيخ بتغيير تلك المنكرات، فخرج هو والأمير فقطعوا الأشجار، وهدموا المشاهد وعدلوا القبور على السنة.

وهكذا استمرت الأمور على أحسن حال، فعلت كلمة الحق، وأُحيِيَت سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأقيمت الحدود، وعاد للعقيدة صفاؤها وأثرها.

وعاد الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وتدبرهما وتطبيقهما في واقع الحياة.

فلم يرق ذلك لعلماء السوء وأرباب المصالح، بل أنكرته قلوبهم، وما أنكرت إلا التوحيد وتطبيق القرآن، ولسان حالهم يقول: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥]، فتألبوا على الإنكار عليه ومخاصمته ومحاربته، وإثارة الشبهات حول دعوته: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: ٨]، فكتبوا إلى علماء الأحساء والبصرة والحرمين يشوِّهون الحقائق، ويؤلِّبون على الشيخ، ويغرون به العامة والخاصة، وخصوصًا الحكام، حتى وشوا به إلى حاكم الأحساء سليمان بن محمد بن غرير الحميدي (٢).


(١) عثمان بن حمد بن معمّر النجدي رئيس العيينة من بلاد نجد في بدء دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تعاون معه على إرساء قواعد التوحيد وإزالة مظاهر الشرك، إلا أنه رضخ لخصوم الدعوة وأمر بإخراج الشيخ من بلدة العيينة، توفي عليه رحمة الله سنة (١١٣٦ هـ).
ينظر: إفادة الأنام بذكر أخبار بلد الله الحرام (٦/ ٤٣) لعبد الله الغازي المكي الحنفي، ت: ابن دهيش، توزيع مكتبة الأسدي بمكة، ط ١، ١٤٣٠ هـ، الأعلام (٤/ ٢٠٤) مشاهير علماء نجد وغيرهم (١٩).
(٢) سليمان بن محمد بن غرير الحميدي من بني خالد، وهو خامس حكام دولة بني خالد، وفي آخر حياته ابتعد عن السلطة وتوجه إلى أقليم الخرج، وبقي فيه حتى مات رحمه الله سنة (١١٦٦ هـ)، وهو حاكم الأحساء الذي خاف من دعوة الشيخ على سلطانه، كما زين له علماء السوء، فأرسل خطابًا إلى ابن معمر حاكم العيينة يأمره بطرد الشيخ من بلده، وإلا سوف يغزوه ويقطع مرتبه.
ينظر: مشاهير علماء نجد وغيرهم (٢١)، محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه (٢٣)، وموقع الموسوعة الحرة على الشبكة.

<<  <   >  >>