للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن القلب آلة لهذا التعقل، فوجب جعل القلب محلًّا للتعقّل، ويسمَّى الجهل بالعمى؛ لأن الجاهل لكونه متحيرًا يشبه الأعمى" (١).

وقد أشار الشنقيطي رحمه الله إلى أن هذه الآية تدلّ على أن العقل محله القلب (٢).

الدليل الثالث: قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧].

قال القرطبي رحمه الله عن المراد بالقلب هنا: "أي: عقل؛ لأن القلب محل العقل في قول الأكثرين" (٣).

الدليل الرابع: قوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩].

قال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "وقوله: {لَا يَفْقَهُونَ} الفقه في لغة العرب معناه: الفهم والإدراك، أي: لا يفهمون بهذه القلوب عن الله؛ لأن الله لم ينفعهم بها … كما قال: {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٦]، ونفيه الفقه عن القلوب يدل كما ذكرنا مرارًا على أن مركز العقل هو القلب، لا الدماغ كما يقوله الإفرنج (٤)، ومما يؤسفنا أن عامة المسلمين لا يكاد في الوقت الحاضر -لجهلهم- يختلف من عامتهم اثنان في أن العقل في الدماغ ..


(١) تفسير الرازي (٢٣/ ٢٣٣ - ٢٣٤) مع تصرف يسير، مفاتيح الغيب للفخر الرازي، دار إحياء التراث العربي بيروت، ط ٣، ١٤٢٠ هـ.
(٢) ينظر: العذب النمير (٤/ ٤٠).
(٣) تفسير القرطبي (١/ ١٨٩).
(٤) جيل من الناس يسكنون أوروبا كما في المعجم الوسيط (١/ ٢١) مادة (أفر)، وهو اسم أطلقه العرب على الأوروبيين بعد الحروب الصليبية في الشرق. ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة (١/ ١٠٢) للدكتور أحمد مختار عبد الحميد ومعه فريق عمل، عالم الكتب، ط ١، ١٤٢٩ هـ.

<<  <   >  >>