للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» (١).

فظهر لك دلالة الآيتين المذكورتين على أن المصدر الأول للإيمان القلب، فإذا آمن القلب آمنت الجوارح بفعل المأمورات وترك المنهيات، وذلك لأن القلب أمير البدن، وذلك يدل دلالة واضحة على أن القلب ما كان كذلك إلا لأنه محل العقل الذي به الإدراك والفهم كما ترى (٢).

الدليل السابع والثامن: قول الله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: ٧]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: ٥].

وفي هاتين الآيتين ذكر الله أنه عاقب أصحاب القلوب التي كفرت بالطبع عليها، فلا تنتفع بالمواعظ، ولا تهتدي إلى الإيمان، ولا ينفذ فيها، وعاقب القلوب التي زاغت (٣) أن أزاغها الله عن الهدى والاستقامة، وأوقعها في الشك والحيرة والخذلان بسبب من أهلها (٤).

والآيات في هذا المعنى كثيرة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، وهو لمحمد بن إسماعيل البخاري، ت: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط ١، ١٤٢٢ هـ، أخرجه في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه (١/ ٢٠) ح (٥٢)، ومسلم في صحيحه، وهو لمسلم بن الحجاج النيسابوري ت: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي بيروت، أخرجه في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات (٣/ ١٢١٩) ح (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-.
(٢) ينظر: الفتاوى للشنقيطي (٢٩).
(٣) من الزيغ، وهو الميل عن الاستقامة إلى الضلال. ينظر: المفردات في غريب القرآن (٣٨٧).
(٤) ينظر: تفسير ابن كثير (٨/ ١٠٩) ت: سامي سلامة، دار طيبة، ط ٢، ١٤٢٠ هـ، وتفسير السعدي (٤١).

<<  <   >  >>