للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلب: "واحتجوا أيضًا بهذا الحديث (١)، وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاح الجسد كلّه وفساده كلّه تابعًا للقلب، والدّماغُ من جملة الجسد، فاقتضى ظاهر الحديث كون فساده وصلاحه تبعًا للقلب، وهذا يدل على أنه ليس بمحلّ للعقل" (٢).

الدليل العاشر من الأثر: قول علي -رضي الله عنه-: "إن العقل في القلب" (٣).

أما أدلة أصحاب القول الثاني: فيستدل من يقول: إن العقل في الدماغ بأدلة عقلية وحسية، ولا يُعلم لهم دليل من الكتاب أو السنة (٤)، والله أعلم.

ومن أدلتهم أنه إذا فسد الدماغ مع سلامة القلب فسد العقل، فلو كان موطن العقل القلب لما حصل له خلل، ويقولون: يحصل للقلب خلل فلا يتأثر العقل.

وأجيب: بأن هناك ارتباطًا بين العقل والقلب، والنصوص دلَّت على أنه في القلب، وأنه لا يمنع أن يكون هناك ارتباط بين القلب والدماغ (٥)، لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-، والله أعلم.

وهنا قول يتفرَّع عن القول الأوَّل، وهو أن العقلَ في القلب وله اتصال وثيق بالدماغ، وهذا القول أقرب الأقوال؛ لأن فيه جمعًا بين القولين مع الإقرار بأن العقل في القلب كما جاء في الكتاب والسنة.

والعقل الذي في القلب له اتصال بالدماغ، والدليل الحسي يدل دلالة قوية على الترابط بين العقل والدماغ، والعلم عند الله تعالى.


(١) أي: القائلون بأن العقل في القلب.
(٢) المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٣١٤).
(٣) البخاري عن علي -رضي الله عنه- في الأدب المفرد (٢٨١) ت: محمد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلامية بيروت، ط ٣، ١٤٠٩ هـ، وذكره البيهقي في شعب الإيمان (٦/ ٣٦٨) للبيهقي، ت: د. عبد العلي، مكتبة الرشد الرياض بالتعاون مع الدار السلفية بومباي، ط ١، ١٤٢٣ هـ.
(٤) ينظر: الفتاوى للشنقيطي (٣٥).
(٥) ينظر: الذخيرة (١٢/ ٣٦٩)، التبيان في أقسام القرآن (٤٠٥).

<<  <   >  >>