للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَقِّ» (١).

وعن أَبُي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ (٢) الَّتِي فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ (٣) فِيهَا»، قَالَ: «فَذَلِكُمْ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ، أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ (٤) عَنِ النَّارِ: هَلُمَّ عَنِ النَّارِ، هَلُمَّ عَنِ النَّارِ، فَتَغْلِبُونِي تَقَحَّمُونَ فِيهَا» (٥).

ولخص الإمام النووي مقصود إيراد الحديث بقوله رحمه الله: "ومقصود الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- شبه تساقط الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة، وحرصهم على الوقوع في ذلك مع منعه إياهم، وقبضه على مواضع المنع منهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه، وكلاهما حريص على هلاك نفسه ساع في ذلك لجهله" (٦).

وهذا مثل آخر على حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على هداية الناس: فعَنْ رجل من بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَتَخَلَّلُهَا يَقُولُ: «يَا


(١) أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٩/ ٩٣) ح (٧٢٨٣)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب شفقته -صلى الله عليه وسلم- على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم (٤/ ١٧٨٨) ح (٢٢٨٣).
(٢) وهي الحشرات التي تأتي على ضوء النار فتسقط فيها. ينظر: المعجم الوسيط (٢/ ٦٨٢) مادة (فرش).
(٣) التقحم: الرمي بالنفس من غير رويّة في الأمور المهلكة.
ينظر: الصحاح (٥/ ٢٠٠٦) مادة (قحم).
(٤) الحُجْزة: وهي معقد الإزار والسراويل، يقال: تحاجز القوم أخذ بعضهم بِحُجْزَةِ بعض، وإذا أراد الرجل أن يمسك من يخاف سقوطه أخذه من مكان معقد الإزار.
ينظر: لسان العرب (٥/ ٣٣٢) مادة (حجز)، طرح التثريب في شرح التقريب (٨/ ٢٢٣).
(٥) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب شفقته -صلى الله عليه وسلم- على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم (٤/ ١٧٨٩) ح (٢٢٨٤).
(٦) شرح النووي على مسلم (١٥/ ٥٠).

<<  <   >  >>