للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن أمراء الترك خافوه، فلما حمّ دسوا إلى طبيبه ابن الطيفوري [١] ثلاثين ألف دينار ففصده بريشة مسمومة، وقيل: سم في كمثرى. قاله في «العبر» [٢] .

وقال ابن الأهدل: قيل: إن أمه جاءته عائدة فبكى وقال: يا أماه! عاجلت أبي فعوجلت، ثم أنشأ يقول:

فما فرحت نفسي بدنيا أخذتها ... ولكن إلى الملك القدير أصير

وما لي شيء غير أنّي مسلم ... بتوحيد ربّي مؤمن [٣] وخبير [٤]

وبايع التّرك بعده لأحمد بن محمد بن المعتصم، خوفا منهم أن يبايعوا لأحد من أولاد المتوكل فيقتلهم بأبيه، وسمّوه المستعين. انتهى ما ذكره ابن الأهدل.

وقال ابن الفرات: قيل: رأى المنتصر بالله أباه المتوكل على الله في منامه، فقال له: ويحك يا محمد ظلمتني وقتلتني، والله لا متّعت بالدّنيا بعدي.

وقد أجمعوا على أن المنتصر بالله مات مسموما، وكان سبب ذلك أنه رأى باغر التركي في حفدته الأتراك، فقال: قتلني الله إن لم أقتلكم جميعا، فبلغهم


[١] في الأصل، والمطبوع: «ابن طيفور» وهو خطأ، والتصحيح من «تاريخ الطبري» (٩/ ٢٥٢) ، و «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (٧/ ١١٤- ١١٥) ، و «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» ص (٢٢٥) ، وهو إسرائيل بن زكريا الطيفوري، كان مقدما في صناعة الطب، جليل القدر عند الخلفاء والملوك. وكان المنتصر قد وجد حرارة فأمر ابن الطيفوري بفصده، ففصده بمبضع مسموم، فكان فيه منيته، وأن ابن الطيفوري لما انصرف إلى منزله وجد حرارة، فدعا تلميذا له وأمره بفصده ووضع مباضعه بين يديه ليتخيّر أجودها، وفيها المبضع المسموم الذي فصد به المنتصر، وقد نسبه، فلم يجد التلميذ في المباضع التي وضعت بين يديه مبضعا أجود من المبضع المسموم، ففصد به أستاذه وهو لا يعلم أمره، فلما فصده به نظر إليه صاحبه فعلم أنه هالك، فأوصى من ساعته، وهلك من يومه.
[٢] (١/ ٤٥٢- ٤٥٣) .
[٣] في «غربال الزمان» : «موقن» .
[٤] البيتان في «غربال الزمان» للعامري ص (٢٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>