للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تأكد لي بأن اختصاره للتدوين يعود إلى أمانته وحذره رحمه الله.

٦- البخاريّ

هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري، أبو عبد الله، الإمام الكبير، صاحب «الصحيح» و «التاريخ الكبير» وغيرهما.

ولد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة (١٩٤) هـ، ورحل في طلب العلم إلى جميع محدّثي الأمصار، وكتب بخراسان، والجبال، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، وأخذ الحديث عن مشاهير الحفّاظ، منهم: مكّي بن إبراهيم البلخي، وعبدان بن عثمان المروزي، وعبيد الله بن موسى العبسي، وأبو عاصم الشيباني، وورد على المشايخ وله إحدى عشرة سنة، وطلب العلم وله عشر سنين. وأخذ عنه الحديث خلق كثير في كل بلدة حدّث بها.

ولما قدم بغداد، وسمع أصحاب الحديث بقدومه، اجتمعوا، وعمدوا إلى مائة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة أنفس، لكل رجل عشرة أحاديث، فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجل من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال لا أعرفه، حتى فرغ من العشرة، والبخاري يقول: لا أعرفه، فأما العلماء فعرفوا بإنكاره أنه عارف، وأمّا غيرهم فلم يدركوا ذلك منه. ثم انتدب رجل آخر من العشرة، فكان حاله معه كذلك، ثم انتدب آخر بعد آخر إلى تمام العشرة، والبخاري لا يزيدهم على قوله: لا أعرفه. فلما فرغوا، التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك، فهو كذا، والثاني كذا، على النسق إلى آخر العشرة، فردّ كلّ متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، ثم فعل بالباقين مثل ذلك، فأقرّ الناس له بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل. وقال: خرّجت كتاب «الصحيح» من زهاء ستمائة ألف حديث، وما وضعت

<<  <  ج: ص:  >  >>