للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة تسع وستين وخمسمائة]

فيها ثارت الفرنج لموت نور الدّين الملك العادل أبو القاسم محمود ابن زنكي ابن آق سنقر [١] . تملّك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة، وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وكان أجلّ ملوك زمانه، وأعدلهم، وأدينهم، وأكثرهم جهادا، وأسعدهم في دنياه وآخرته، هزم الفرنج غير مرّة. وأخافهم وجرّعهم المرّ، وكان أولا متحكما لملوك السلاجقة، ثم استقلّ، وكان في الإسلام زيادة ببقائه. افتتح من بلاد الرّوم عدة حصون، ومن بلاد الفرنج ما يزيد على خمسين حصنا، وكان أسمر، طويلا، مليحا، تركي اللحية، نقي الخدّ، شديد المهابة، حسن التواضع، طاهر اللّسان، كامل العقل والرأي، سليما من التكبر، خائفا من الله. قلّ أن يوجد في الصلحاء مثله، فضلا عن الملوك. ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء وزيادة، وخطب له في الدّنيا، وأزال الأذان ب (حيّ على خير العمل) وبنى المدارس وسور دمشق، وأسقط ما كان يؤخذ من جميع المكوس، وبنى المكاتب للأيتام ووقف عليها الأوقاف، وبنى الرّبط والبيمارستان، وأقطع العرب الإقطاعات لئلا يتعرضوا للحاج، وبنى الخانات [٢] ، وكان حسن الخطّ، كثير المطالعة، مواظبا على الصلوات


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٥/ ١٨٤- ١٨٨) و «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ٥٣١- ٥٣٩) .
[٢] في «ط» : «الخانات والرّبط» وقد تقدمت الإشارة إلى بنائه الرّبط قبل قليل كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>