للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة أربع عشرة وتسعمائة]

فيها كان حريق عظيم بمدينة عدن احترق به من الآدميين نحو ثلاثين نفسا وتلف من الأموال والبيوت ما لا يحصى [١] .

وفيها توفي الشيخ العارف بالله تعالى إبراهيم الشاذلي المصري [٢] .

كان ينفق نفقة الملوك ويلبس ملابسهم، وذلك من غيب الله تعالى لا يدري أحد له جهة معينة تأتيه منها الدنيا ولم يطلب الطريق حتى لحقه المشيب فجاء إلى سيدي محمد المغربي الشّاذلي وطلب منه التربية فقال له يا إبراهيم، تريد تربية بيتية وإلا سوقية. فقال له: ما معنى ذلك؟ قال: التربية السوقية هي أن أعلمك كلمات في الفناء والبقاء ونحوهما، وأجلسك على السجادة، وأقول لك خذ كلاما وأعط كلاما من غير ذوق ولا انتفاع. والتربية البيتية بأن تفني اختيارك في اختياري، وتشارك أهل البلاء [٣] ، وتسمع في حقك ما تسمع فلا تتحرك لك شعرة اكتفاء بعلم الله تعالى. فقال أطلب التربية البيتية. قال: نعم لكن لا يكون فطامك إلّا بعدي [٤] على يد الشيخ أبي المواهب. وكان الأمر كذلك، ولذلك لم يشتهر إلا بالمواهبي، ثم قال له الشيخ محمد: قف غلاما اخدم البيت والبغلة، وحسّ الفرس، وافرش تحتها الزبل، وكب التراب، فقال: سمعا وطاعة. فلم يزل يخدم عنده حتّى مات، فاجتمع على سيدي أبي المواهب ولم يزل عنده يخدم كذلك ولم يجتمع مع الفقراء في قراءة حزب ولا غيره حتّى حضرت سيدي أبا المواهب الوفاة فتطاول


[١] انظر «النور السافر» ص (٩٠) .
[٢] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ١١٠) و «معجم المؤلفين» (١/ ٣٧) .
[٣] في «الكواكب» : «البلاد» .
[٤] في «أ» : «بهدي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>