فيها هجم على سرادق المسترشد بالله أبي منصور الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن محمد بن القائم الهاشمي العبّاسي، سبعة عشر من الباطنية فقتلوه وقتلوا بظاهر مراغة، وكانت ولادته في ربيع الأول، سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وبويع له بالخلافة عند موت أبيه في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وكان ذا همة عالية، وشهامة زائدة، وإقدام، ورأي، وهيبة شديدة. ضبط الأمور- أي أمور الخلافة- ورتبها أحسن ترتيب، وأحيا رميمها، ونشر عظامها، وشيّد أركان الشريعة، وطرّز أكمامها، وباشر الحروب بنفسه، وخرج عدة نوب إلى الحلّة، والموصل، وطريق خراسان، إلى أن خرج النّوبة الأخيرة وكسر جيشه بقرب همذان، وأخذ أسيرا إلى أذربيجان في هذه السنة.
وكان قد سمع الحديث من أبي القاسم بن بيان، وعبد الوهاب بن هبة الله السبتي. وروى عنه محمد بن عمر بن مكّي الأهوازي، ووزيره علي ابن طراد، وإسماعيل بن طاهر الموصلي.
وذكره ابن الصلاح في «طبقات الشافعية» وناهيك بذلك، فإنه قال: هو الذي صنّف له أبو بكر الشاشي كتابه «العمدة» في الفقه، وبلقبه اشتهر الكتاب، فإنه كان حينئذ يلقب عمدة الدّنيا والدّين.