للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكره ابن السبكي في «طبقات الشافعية» [١] فقال: كان في أول أمره تنسّك، ولبس الصوف، وانفرد في بيت للعبادة، وكان مولده يوم الأربعاء ثامن عشر شعبان سنة ست وثمانين وأربعمائة، وخطب له أبوه بولاية العهد، ونقش اسمه على السكّة في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين، وكان مليح الخط، ما كتب أحد من الخلفاء قبله مثله، يستدرك على كتّابه ويصلح أغاليط في كتبهم. وأما شهامته وهيبته وشجاعته وإقدامه، فأمر أشهر من الشمس. ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش والمخالفين، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك، إلى أن خرج الخرجة الأخيرة إلى العراق، فكسر [٢] وأخذ، ورزق الشهادة.

وقال الذهبي: مات السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه سنة خمس وعشرين، فأقيم ابنه داود مكانه، فخرج عليه عمه مسعود بن محمد، فاقتتلا ثم اصطلحا على الاشتراك بينهما، ولكلّ مملكة، وخطب لمسعود بالسلطنة ببغداد ومن بعده لداود، وخلع عليهما، ثم وقعت بين الخليفة ومسعود، وحشة [٣] فخرج لقتاله، فالتقى الجمعان، وغدر بالخليفة أكثر عسكره، فظفر به مسعود، وأسر الخليفة وخواصّه، فحبسهم بقلعة بقرب همذان، فبلغ أهل بغداد ذلك، فحثوا في الأسواق على رؤوسهم التراب، وبكوا وضجوا، وخرج النساء حاسرات يندبن الخليفة، ومنعوا الصلاة والخطبة.

قال ابن الجوزي: وزلزلت بغداد مرارا كثيرة، ودامت كل يوم خمس مرّات أو ست مرات، والناس يستغيثون، فأرسل السلطان سنجر إلى ابن أخيه مسعود يقول: ساعة وقوف الولد غياث الدّنيا والدّين على هذا المكتوب، يدخل على أمير المؤمنين، ويقبّل الأرض بين يديه، ويسأله العفو والصفح،


[١] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (٧/ ٢٥٨) .
[٢] في «تاريخ الخلفاء» ص (٤٣٢) وهو مصدر المؤلف: «وانكسر» .
[٣] لفظة «وحشة» لم ترد في «تاريخ الخلفاء» الذي بين يدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>