للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتنصل غاية التنصل، فقد ظهر عندنا من الآيات السماوية والأرضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها، فضلا عن المشاهدة: من العواصف، والبروق، والزلازل، ودوام [١] ذلك عشرين يوما، وتشويش العساكر، وانقلاب البلدان.

ولقد خفت على نفسي من جانب الله، وظهور آياته، وامتناع الناس من الصلوات في الجوامع، ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحمله، فالله الله، تتلافى [٢] أمرك وتعيد أمير المؤمنين إلى مقرّ [٣] عزّة، وتحمل الغاشية [٤] بين يديه كما جرت عادتنا وعادة آبائنا، ففعل مسعود جميع ما أمر به، وقبّل الأرض بين يدي الخليفة، ووقف يسأل العفو.

ثم أرسل سنجر رسولا آخر ومعه عسكر يستحثّ مسعود على إعادة الخليفة إلى مقرّ عزّة، فجاء في العسكر سبعة عشر من الباطنية، فذكر أن مسعودا ما علم بهم، وقيل: بل هو الذي دسّهم، فهجموا على الخليفة في مخيّمه [٥] ففتكوا به، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فما شعر بهم العسكر إلّا وقد فرغوا من شغلهم، فأخذوهم وقتلوهم إلى لعنة الله، وجلس السلطان للعزاء، وأظهر المساءة بذلك، ووقع النحيب والبكاء، وجاء الخبر إلى بغداد، فاشتد ذلك على الناس، وخرجوا حفاة مخرّقين الثياب، والنساء ناشرات الشعور يلطمن ويقلن المراثي، لأن المسترشد كان محببا فيهم [ببرّه] ، ولما فيه [٦] من الشجاعة والعدل والرّفق بهم.


[١] في «تاريخ الخلفاء» : «ودام» .
[٢] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «بتلاقي» والتصحيح من «المنتظم» (١٠/ ٤٧) و «تاريخ الخلفاء» ص (٤٣٣) .
[٣] في «المنتظم» : «مستعر» وفي «تاريخ الخلفاء» : «منرّ» وهي محرّفة من «مقرّ» .
[٤] في «آ» و «ط» : «الفاشية» وهو تحريف، والتصحيح من «المنتظم» و «تاريخ الخلفاء» .
[٥] في «تاريخ الخلفاء» : «خيمته» .
[٦] لفظة «ببرّه» سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «تاريخ الخلفاء» وقوله: «لما فيه» تحرف في «ط» إلى «بمرة شافية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>