للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة إحدى عشرة وسبعمائة]

فيها توفي عماد الدّين أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود الواسطيّ الحزامي [١] الزّاهد القدوة العارف.

ولد في حادي أو ثاني عشري [٢] ذي الحجّة سنة سبع وخمسين وستمائة بشرقي واسط. وكان أبوه شيخ الطّائفة الأحمدية. ونشأ الشيخ عماد الدّين بينهم وألهمه الله تعالى من صغره طلب الحقّ ومحبته، والنّفور عن البدع وأهلها، فاجتمع بالفقهاء بواسط، كالشيخ عز الدّين الفاروثي وغيره، وقرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي، ثم دخل بغداد، وصحب بها طوائف من الفقهاء، وحجّ واجتمع بجماعة منهم. وأقام بالقاهرة مدة ببعض جوانبها، وخالط طوائف الفقراء، ولم يسكن قلبه إلى شيء من الطرائق المحدثة، واجتمع بالإسكندرية بالطّائفة الشّاذلية، فوجد عندهم ما يطلبه من لوائح المعرفة والمحبة والسّلوك، فأخذ ذلك عنهم، وانتفع بهم واقتفى طريقتهم وهديهم، ثم قدم دمشق فرأى الشيخ تقي الدّين بن تيميّة وصاحبه [٣] فدلّه على مطالعة السيرة النبوية، فأقبل على سيرة ابن إسحاق تلخيص ابن هشام، فلخصها واختصرها، وأقبل على مطالعة كتب الحديث والسّنّة والآثار.

وتخلّى من جميع طرائقه وأذواقه وسلوكه، واقتفى أثر الرّسول- صلّى الله عليه وسلّم- وهديه وطرائقه المأثورة عنه في كتب السّنن والآثار. واعتنى بأمر السّنّة أصولا وفروعا


[١] انظر «ذيول العبر» ص (٦١) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (٢٩٩) و «الدّرر الكامنة» (١/ ٩١) و «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٣٥٨- ٣٦٠) .
[٢] في «ط» : «ثاني عشر» .
[٣] يعني الإمام ابن قيم الجوزية عليه رحمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>