فيها تجاسر صلاح الدّين بن أيوب وقطع خطبة العاضد العبيدي، وكان قبل هذا كالمتحكم له، وخطب للخليفة العبّاسي المستضيء، فمات العاضد عقيب ذلك. قيل: إنه مات غبنا، وأظهر صلاح الدّين الحزن عليه، وجلس للعزاء، ثم تسلّم القصر وما حوى، ثم حوّل أولاد المعتضد وخاصته إلى مكان آخر ورتّب لهم كفايتهم، ولما وصل أبو سعد بن أبي عصرون رسولا بذلك إلى بغداد، زيّنت، وكان يوما مشهودا، وكانت الخطبة العبّاسية قد قطعت من مصر منذ مائتي سنة وتسع سنين بخطبة بني عبيد أهل المذهب الرديء، ثم أرسل الخليفة بالخلع الفائقة الرائقة لنور الدّين محمود بن زنكي، ولنائبه صلاح الدّين، وكان فيما أرسل لنور الدّين طوق ذهب وزنه ألف مثقال، وحصانان وسيفان، قلد بهما، إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام.
وفيها وقعت الوحشة بين نور الدّين وصلاح الدّين، وعزم على قصده، فكتب إليه صلاح الدّين بالطاعة، فزالت الوحشة بينهما.
وفيها اتخذ نور الدّين الحمام الهوادي في جميع البلاد في الأبراج، تنقل الأخبار، فكانت من بلاد النوبة إلى همذان، وكان أهم ما عنده قلع الفرنج من السواحل.