فيها توفي برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن الأمير ناصر الدّين محمد بن أبي بكر بن علي بن أيوب، المعروف بابن أبي شريف المقدسي المصري الشافعي [١] الشيخ الإمام والحبر الهمام العلّامة المحقّق والفهّامة المدقّق شيخ مشايخ الإسلام ومرجع الخاص والعام.
ولد بالقدس الشريف سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ونشأ بها، واشتغل بفنون العلم على أخيه الكمال بن أبي شريف، ورحل إلى القاهرة فأخذ الفقه عن العلم البلقيني، والشّمس القاياتي والأصول عن الجلال المحلّي، وسمع عليه في الفقه أيضا، وأخذ الحديث عن شيخ الإسلام ابن حجر وغيره، وتزوج بابنة قاضي القضاة شرف الدّين يحيى المناوي، وناب عنه في القضاء، ودرّس، وأفتى، ونظم، ونثر، وصنّف، وترجمه صاحب «الأنس الجليل» فيه في حياته. وقال: ولي المناصب السّنية وغيرها من الأنظار بالقاهرة المحروسة، واشتهر أمره وبعد صيته، وصار الآن المعوّل عليه في الفتوى بالدّيار المصرية. قال: وهو رجل عظيم الشأن، كثير التواضع، حسن اللقاء، فصيح العبارة، ذو ذكاء مفرط، وحسن ونظم ونثر، وفقه نفس، وكتابة على الفتوى نهاية في الحسن، ومحاسنه كثيرة، وترجمته وذكر مشايخه يحتمل الإفراد بالتأليف، ولو ذكرت حقّه في الترجمة لطال الفصل، ثم قال: قدم من القاهرة إلى بيت المقدس سنة ثمان وتسعين وثمانمائة بعد غيبة طويلة، ثم عاد إلى وطنه بالقاهرة. انتهى وقال ابن طولون: قدم دمشق يوم الجمعة ثاني الحجة سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، ونزل بالسميساطية، وقرأنا عليه فيها.
[١] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ١٠٢- ١٠٥) و «الأعلام» (١/ ٦٦) .