للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة أربع وخمسين وستمائة]

فيها كان ظهور النّار بظاهر المدينة النبوية، على ساكنها الصلاة والسلام، وكانت مصداق قوله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تقوم السّاعة حتّى تظهر نار بالحجاز [١] ، تضيء أعناق الإبل ببصرى» [٢] وبقيت أيّاما، قيل ثلاثة أشهر، وكان نساء المدينة يغزلن على ضوئها، وظن أهل المدينة أنها القيامة. ظهرت من وادي أحيلين [٣] في الحرّة الشرقية، تدب دبيب النمل إلى جهة الشمال، تأكل ما أتت عليه من أحجار وجبال، ولا تأكل الشجر. حتّى إن صاحب المدينة الشريفة، منيف بن شبحة أرسل اثنين ليأتياه بخبرها، فدنيا منها، فلم يجدا لها حرّا، فأخذ أحدهما سهما، ومدّ به إليها، فأكلت النصل دون العود، ثم قلبه ومدّ بالطرف الآخر، فأكلت الرّيش دون العود، وكانت تذيب وتسبك ما مرّت عليه من الجبال. فسدّت وادي شطاه بالحجر المسبوك بالنّار سدّا، ولا كسد ذي القرنين، واحتبس الماء خلفه، فصار بحرا مدّ البصر طولا وعرضا، كأنه نيل مصر عند زيادته. ثم خرقه الماء سنة تسعين وستمائة، فجرى الماء من الخرق سنة كاملة، يملأ ما بين جنبتي الوادي، ثم انسدّ، ثم


[١] أقول: لفظه في «الصحيحين» : «حتّى تخرج نار من أرض الحجاز» (ع) .
[٢] رواه البخاري رقم (٧١١٨) في الفتن: باب خروج النّار، ومسلم رقم (٢٩٠٢) في الفتن وأشراط الساعة: باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
[٣] انظر تعليق العلّامة الشيخ حمد الجاسر على «المغانم المطابة في معالم طابة» ص (٤٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>