قال الإسنوي: كان إماما يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلما يستضاء بأنواره ويهتدى، صنّف تصانيف كثيرة في أنواع العلوم، إلّا أن معظمها صغير الحجم معقود لمسائل مفردة.
قلت: وقد قامت شهرة اليافعي على كتابه المشار إليه في صدر الترجمة، وهو من الكتب التي نقل عنها ابن العماد مباشرة، وقد طبع في الهند طبعة تجارية صدرت في أربعة مجلدات، ويطبع الآن في مؤسسة الرسالة في بيروت بتحقيق الدكتور عبد الله الجبوري، وقد اطّلعت على المجلد الأول من هذه الطبعة أثناء تصحيح تجارب الطبع الثانية من المجلد الأول من هذا الكتاب فاستفدت منه في بعض المواطن، ولكن لفت نظري التسرّع الذي اتصف به عمل المحقّق الأمر الذي أوقعه في أخطاء كثيرة، ناهيك عن افتقاره إلى الضبط، وتفصيل النصوص وفق مناهج التحقيق الحديثة، وخلوه من تخريج الأحاديث الواردة في الكتاب تخريجا علميا، ولا سيما في القسم الذي تحدّث فيه المؤلف عن سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم.
٣٤- تاج الدّين السّبكي
هو عبد الوهّاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمّام بن يوسف بن موسى بن تمام السّبكي الشافعي، أبو نصر، الإمام الباحث المؤرّخ، صاحب «طبقات الشافعية الكبرى» .
ولد في القاهرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وسمع بمصر من جماعة، ثم قدم مع والده إلى دمشق في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وسمع بها من جماعة، وقرأ على الحافظ المزّي، ولازم الذهبي وتخرّج به، وطلب بنفسه، ودأب، وأجازه شمس الدين بن النقيب بالإفتاء والتدريس، ولما مات ابن النقيب كان عمره ثماني عشرة سنة، وأفتى ودرس، وصنّف، واشتغل بالقضاء، وولي الخطابة بعد وفاة ابن جملة، ثم عزل، وحصل له فتنة شديدة، وسجن بالقلعة نحو ثمانين يوما، ثم عاد إلى القضاء.